نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[93] الخليفة المأمون، أبو الفضل وأبو العباس،

صفحة 307 - الجزء 2

  الأمين وندم، ولمّا وصل خبر الفتح بهزيمة علي بن عيسى ومعها رأسه تسمّى المأمون بالإمامة وقد كان الأمين أرسل مع علي بن عيسى بقيد ذهب ليقيّد به المأمون بزعمه، وانتهى طاهر إلى الأهواز، فثار بعض آل المهلب بالبصرة فخلع الأمين ودعى إلى المأمون، ثم نزل طاهر على بغداد فحاصرها ورماها بالمجانيق، وقاتل عامّة أهل بغداد مع الأمين قتالا لم يسمع بمثله، وطال الحصار نحو ثلاثين شهرا حتى أكلوا الجيف، وأنفق الأمين خزائن الدنيا، وقيل: إن الأمين سمع الهيعة يوما حول قصره فسأل عنها فقيل هؤلاء الجند يطلبون أرزاقهم، فقال: أراحني اللّه منهم فإنّ الجميع أعدائي، هؤلاء يريدون مالي، وأولئك يريدون دمي، وكان وزيره الفضل بن الربيع قد جعل لكل من يجرح في الحرب من أهل بغداد مائة دينار فجاءه منهم رجل بجرح يطلب الجعل، فقال له الوزير: هذا جرح صغير لا تستحق عليه شيئا فرجع إلى القتال، فطعن في بطنه فخرجت حشوته فرجع إلى الوزير وحشوته أمامه، وقال: أعجبك هذا؟ فضحك، وأعطاه مائة دينار وأمر الطبيب بعلاجه.

  ثم اختفى الفضل حتى دخل المأمون إلى بغداد فأمنه وقيل: خرج كوثر غلام الأمين وكان بديع الجمال ليرى الحرب فرمي بحجر في رأسه فرجع إلى الأمين ودمه يسيل فجعل الأمين يمسح الدم عن وجهه بيده ويقول:

  رجموا قرّة عيني ... ومن اجلي رجموه

  أخذ اللّه لقلبي ... من أناس أحرقوه

  وقال لأبي علي الحسين بن الضحّاك المعروف بالخليع⁣(⁣١) أجزهما فقال:


(١) هو أبو علي الحسين بن الضحاك، المعروف بالخليع، خراساني الأصل. ولد بالبصرة سنة ١٦٢ هـ. كان اتصاله بالأمين بن الرشيد وثيقا وله فيه مدائح كثيرة، ولما قتل الأمين أكثر من رثائه. وقبيل دخول المأمون بغداد ارتحل الحسين إلى البصرة وانزوى فيها، فلم يتعرض المأمون له بسوء. استقدمه المعتصم في أيامه إلى بغداد وقربه، ولم يزل مع خلفاء بني العباس إلى أيام المستعين. كان خليعا ماجنا، متفننا في الشعر، له معان مبتكرة، قيل أن أبا نواس كان يأخذها عنه. توفي سنة ٢٥٠ هـ.

ترجمته في: الأغاني ٧/ ١٦٣ - ٢٤٥، الكنى والألقاب ٢/ ٢٠٠، تاريخ آداب اللغة العربية لزيدان ٢/ ٩١، وفيات الأعيان ٢/ ١٦٢ - ١٦٨، شذرات الذهب ٢/ ١٢٣، وفيه أنه توفي سنة ٢٥١، تاريخ بغداد ٨/ ٥٤، طبقات ابن المعتز / ٢٦٨، معجم الأدباء ١٠/ ٥ - ٢٣، تاريخ الأدب العربي لبروكلمان ٢/ ٢٠، حديث الأربعاء ٢/ ١٧٣، أنوار الربيع ٤ / هـ ٦٠.