نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[93] الخليفة المأمون، أبو الفضل وأبو العباس،

صفحة 310 - الجزء 2

  أنت؟ قال: أنا محمد الأمين، فحادثته وهوّنت عليه الأمر فأنس إليّ، فلما انتصف الليل سمعنا حركة الإقفال فدخل علينا سبعة من العجم الخراسانية بأيديهم السيوف مشهورة فقصدوا الأمين فأخذ وسادة كانت هناك وضربه أحدهم فتلقّى السيف بها، ثم واثب الرجل فصرعه وقعد على صدره فصاح بالفارسية: قتلني فركب بعضهم ظهر الأمين وأخذ السيف وذبحه من قفاه وخلّصوا صاحبهم، وأخذوا رأس الأمين محمد وخرجوا وخرجت معهم، ثم أمر طاهر برأسه فنصب بعض يوم على جسر بغداد وبعث به وبالبردة والقضيب والخاتم إلى المأمون وكتب إليه قد بعثت إليك بالدنيا والآخرة.

  وكان الأمين بديع الجمال أبيض طويلا لم ير مثل جماله، وكان أبو نواس مغرما به، وكان أيّدا، شديد القوة، ولما دخل المأمون بغداد بعد قتل الأمين أنشدته أمّ الأمين زبيدة، قيل إنّه من شعرها، وقيل: بل هو لأبي العتاهية قاله على لسانها:

  ألا إنّ ريب الدهر يدني ويبعد ... ويقبح بالإتلاف حينا ويحمد

  أصاب بريب الدهر منّي يدي يد ... فسلّمت للّاقدار واللّه أحمد

  وقلت لريب الدهر إن ذهبت يد ... فقد بقيت والحمد للّه لي يد

  إذا بقي المأمون لي فالرشيد لي ... ولي جعفر من بعده ومحمّد⁣(⁣١)

  فرقّ لها وبكى بكاء شديدا ولعن طاهر ومقته.

  وذكر أبو الفرج الأصبهاني: أن الرشيد أهديت إليه جارية بارعة الجمال والكمال فخلى معها يوما للاصطباح فكان من حضر من جواريه للغناء والخدمة في الشراب نحو ألفي جارية في أحسن زيّ من أنواع الملابس والحلي، واتصل الخبر بأمّ جعفر فغلظ عليها ذلك، وأرسلت إلى عليّة بنت المهدي الشاعرة الأديبة تشكو ذلك إليها فأرسلت عليّة إليها: لا يهولنّك ذلك، فو اللّه لا أردّنه إليك، وقد عزمت أن أصنع شعرا وأصوغ فيه لحنا وأطرحه على جواريي، فوجّهي لي بجميع جواريك ليأخذن الصوت مع جوارييّ، ففعلت ذلك أمّ جعفر، فلما جاء وقت صلاة العصر لم يشعر الرشيد إلّا وعليّة وأمّ جعفر قد خرجتا عليه من حجرتيها ومعهما نحو ألفي جارية من جواريهما ومن سائر جواري القصر عليهن غرائب


(١) الأغاني ٢٠/ ٣١٧.