[97] أبو أحمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر
  ألا أيّها الدهر الذي قد مللته ... لتخليطه هلّا ملكت حياتي
  فقد وجلال اللّه حببت دائما ... إليّ على بغض الوفاة وفاتي(١)
  أخبرنا هلال بن عبد اللّه بن محمد الضبي مؤدبي، نا إسماعيل بن محمد زنجي الكاتب، قال أبو عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه رشد(٢) الكاتب: حمّلني أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات في وقت من الأوقات برّا واسعا إلى عبيد اللّه بن عبد اللّه بن طاهر فأوصلته إليه ووجدته على فاقة شديدة فقبله وكتب إليه:
  أياديك عندي معظمات جلائل ... طوال المدى شكري لهن قصير
  فإن كنت عن شكري غنيّا فأنّني ... إلى شكر ما أوليتني لفقير
  قال: فقلت هذا أعزّ اللّه الأمير حسن، قال: أحسن منه ما سرقته، فقلت:
  وما هو؟ قال: حديثان حدثني بهما أبو الصلت الهروي بخراسان عن أبي الحسن الرضا عن أبائه، قال: قال النبي ÷: أنه يؤتى بعبد فيوقف بين يدي اللّه تعالى فيؤمر به إلى النار: فيقول: أي ربّ لم أمرت بي إلى النار؟ فيقول: إنك لم تشكر نعمتي، فيقول: أي ربّ أنعمت علي بكذا فشكرت بكذا فلا يزال يحصي النعم ويعدّد الشكر فيقول اللّه تعالى: صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أنعمت عليك بها على يديه، وقد آليت على نفسي أن أقبل شكر عبد على نعمة أنعمتها عليه أو يشكر من أنعم بها على يديه.
  قال: فانصرفت بالخبر إلى أبي الحسن وهو في مجلس أخيه أبي العباس أحمد بن محمد وذكرت ما جرى، فاستحسن أبو العباس ما ذكرته وردّني إلى عبد اللّه ببرّ واسع أوسع من برّ أخيه فأوصلته إليه، فقبله وكتب إليه:
  شكرك معقود بأيماني ... حكّم في سرّي وإعلاني
  عقد ضمير وفم ناطق ... وفعل أعضاء وأركاني
  قال: فقلت: هذا أعزّ اللّه الأمير أحسن من الأوّل، فقال: أحسن منه ما سرقته منه: قلت وما هو؟ قال: حدثني أبو الصلت الهروي بخراسان عن أبي الحسن الرضا عن أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم عن الصادق عن الباقر عن
(١) تاريخ بغداد ١٠/ ٣٤٢.
(٢) في تاريخ بغداد: «محمد بن عبيد اللّه بن رشيد».