نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[109] أبو الحسن علي بن محمد بن منصور بن نصر

صفحة 390 - الجزء 2

  المتوكل قبل خلافته فيغنّين له إذا شرب، فلمّا وليها بعث إلى تلك المغنية فعرف أنّها غائبة، وكانت قد زارت قبر الحسين #، فبلغها خبره، فأسرعت الرجوع إليه وبعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها، فقال لها: أين كنتم؟ قالت: حجت مولاتي فأخرجتنا معها، فقال: وإلى أين حججتم في شعبان؟ قالت: إلى قبر الحسين، فاستطير غضبا، وأمر بمولاتها فحبست، فاستصفى أملاكها، وبعث برجل من أصحابه يقال له الدّبرج⁣(⁣١)، كان يهوديا فأسلم، إلى قبر الحسين #، فأمر بكراب قبره وإخراب كل ما حوله، فمضى لذلك وأخرب البناء، وكرب حوله نحو مائتي جريب، فلما بلغ القبر لم يتقدم إليه أحد، فاحضر قوما من اليهود فكربوه، وأجرى الماء حوله، ووكل به مسالح بين كلّ مسلحتين ميل، لا يزوره زائر إلّا أخذ، ويوجّه به إليه⁣(⁣٢).

  فحدثني محمد بن الحسين الأشناني قال: بعد عهدي بالزيارة تلك الأيام خوفا، ثم عملت على المخاطرة بنفسي فيها فساعدني رجل من العطّارين على ذلك فخرجنا زائرين نكمن النهار ونسير الليل حتى اتينا نواحي الغاضرية، فخرجنا منها نصف الليل فصرنا بين مسلحتين، وقد ناموا حتى أتينا القبر فخفي علينا فجعلنا نشمّه ونتحرى جهته حتى أتيناه، وقد قلع الصندوق الذي كان حواليه وأحرق، وأجري الماء عليه، فانخسف موضع اللبن فصار كالخندق، فزرناه وأكبينا عليه فشممت رائحة منه ما شممت مثلها، فقلت لصاحبي العطار، أيّ ريح هذه؟ فقال: واللّه ما شممت مثلها لشيء قط من الطيب، فودّعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدّة مواضع.

  فلمّا قتل المتوكل إلى سخط اللّه اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة، حتى صرنا إلى القبر فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه إلى ما كان عليه⁣(⁣٣).

  وإنما تستحب زيارة مولانا الحسين # في شعبان، لمّا رواه الشيخ المفيد، أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان الحارثي البغدادي الشهير بابن المعلّم في


(١) في المقاتل: «الديزج».

(٢) مقاتل الطالبيين ٥٩٧ - ٥٩٨، أنظر: تاريخ الطبري / حوادث سنة ٢٣٦ هـ.

(٣) مقاتل الطالبيين ٥٩٨ - ٥٩٩.