[113] أبو الحسن علي بن محمد بن عبد العزيز
  وشكاك لي بضعيف صوتك علة ... وإجابتي بالمدمع المدرار
  ألبست ثوب الدّا وكنت مؤملا ... لبس القباء مرصع الأزرار
  وقصفت غصنا حين أورق وابتدت ... تفتر منه مباسم الأنوار
  وسقيت سمّ الحادثات ولم يفد ... إطفاؤه بمدامع الأنهار
  علل قوين على ضعيف باهت ... وعقرنه وهدين بالعقّار
  خفقان قلب والتهاب جوانح ... منعاه طيب الليل والأبكار
  يا وحشتي لنحيل جسم ذابل ... أودت به الأخطار كالخطّار
  وجميل وجه كان جنّة خاطري ... وفقدته فعرفت طعم النار
  لم يبق منه السقم غير بقيّة ... لولا الأنين خفت على الزّوار
  ودعوت لي قبل الوداع وليتها ... قبلت لك الدعوات في الأسحار
  ليلات أدعو اللّه في ستر الدجى ... ببقاك وهو غناي يا ديناري
  وتؤمن الدمعات وهي سواقط ... درر على خدّي وسمط دراري
  واللّه ما خيري وقد فارقتني ... إلّا لحوقك نحو تلك الدار
  لا قدس العمر الذي هو واصلي ... من بعد ما حجبوك بالأحجار
  وعلى لذيذ العيش إذ ودعتني ... مني سلام الموجع المنهار
  قد كنت لي الذخر النفيس فقدته ... في فاقتي العظمى وفي إقتاري
  مالي دعوتك في الظلام مردّدا ... إسحاق فاستعجمت عن أخباري
  مالي حسستك باردا من بعد ما ... أمسيت من حمّاك في إسعار
  ما بال نرجس مقلتيك مغمّضا ... هذا أو آن تفتّح الأزهار
  أشربت كأس الموت قبلي راضيا ... أم ذقته بالعنف والإجبار
  عكس القضا ظنّي وكنت مؤملا ... أن ليس غيرك لي يكون مواري
  مالي نبذتك بالعراء ولم يكن ... نبذ العزيز صنائع الأحرار
  لو أنني مكّنت كان بمهجتي ... مثواك لم أنبذك كالغدّار
  من لي برؤيا ما نقلت إليه من ... أنس تسرّ به وحسن جوار
  هل تمرح الأطفال حولك مثلما ... قد كنت لا تنفك إلف صغار
  من وارثي إذ ذقت ما سقيته ... ومن الذي تحيى به أشعاري
  وبقاي بعدك مثل موتي قبله ... أقبح بعيش الحزن والأكدار
  كنت الحياة فمذ تولّت غضّة ... ماذا الذي أبغيه في الآثار
  ركناي ثلّا عمّك الماضي وقد ... اتبعته كتتابع الأقمار