[113] أبو الحسن علي بن محمد بن عبد العزيز
  أما السلوّ فلست من أصحابه ... ولحاقك المرجو من الجبّار(١)
  هذا قصار ما يصنع المولّه فما استطعت أن أحفظه من المنيّة حولا. ولا حول ولا قوة إلّا باللّه.
  وعمّه هو زيد بن يحيى(٢) فإنّه أوّل من سخنت به المقلة، وكان تعاويذي الشعر والمعلم لي فخلفني من بعده الأبله، فعلى الدنيا بعدهما العفا، وما مناي بالعيش بعد فراق إخوان الصفا.
  وكتب إلى الشيخ الفاضل شعبان بن سليم(٣) في التعزية بهذه المصيبة:
  يا نفس ذوبي أسا يا دمع لا تقف ... حتّى م صون اللالئ منك في الصدف
  أبعد إسحاق أبقى منه باقية ... هيهات من بعده الأرزاء لم أخف
  لو يفتدى فايت بالروح جدت بها ... فمنتهى أربي من بعده تلفي
  لهفي لمصباح علياء به عصفت ... ريح المنون ولن يقوى لها قطفي
  وزهرة في رياض المجد مذ فتحت ... مدّ الزمان إليها كفّ مقتطف
  مضى وخلّف في قلبي وفي كبدي ... ضرام نارين من حزني ومن أسفي
  وحلّ من جنّة الفردوس حيث يشا ... تحفّه الروح والريحان في غرف
  صبرا أبا أحمد في حادث جلل ... فلطف ذا الصبر في هذا المصاب خفي
  لو دام في الدهر حال لا انقلاب له ... لم تنتقل شمسه عن نقطة الشرف
  هذا وحقك حال الدهر فاغن به ... وعظا ومن وعّظته الحادثات كفي
  ما نحن إلّا لأسلاف مضوا خلفا ... وعن قريب وقد صرنا من السلف(٤)
  ودفن ذلك الغصن الذاوي في بستان الدار، وبعد أربعة أيام نقل إلى مقبرة البكيرية بحكم الأقدار، فقال الفاضل شعبان بن سليم أيضا:
  لئن نقلت من البستان محتملا ... على الرؤوس إلى مستودع ثاني
  فأنت غصن أراد اللّه منبته ... فيما يخيّر من جنّات عدنان
  وذكر ابن خلكان: أن بعض أصحاب أبي الحسن التهامي رآه في النوم فقال
(١) نشر العرف ٢/ ٩٦١ - ٩٦٣.
(٢) ترجمه المؤلف برقم ٧٤، ترجمته أيضا في نشر العرف ١/ ٧٠٠ - ٧٠٧.
(٣) ترجمه المؤلف برقم ٨٥.
(٤) تكملتها في نشر العرف ١/ ٧٦٠، والقصيدة كاملة في ترجمة شعبان بن سليم برقم ٨٥.