(1) (فصل): والمتنجس
الحمد لله رب العالمين، وبعد، فإنه لما كان الهادي # حكم بتعدي النجاسة أردنا أن نبين أدلته على هذا الحكم، وللناظر نظره.
الدليل الأول: ما رواه في أمالي أحمد بن عيسى، عن زيد بن علي، عن آبائه $، عنه ÷، في الحائض والجنب يعرقان في الثوب حتى يلثق عليهما، قال: «الحيض والجنابة حيث جعلهما الله، فلا يغسلا ثيابهما». وفي نسخة: «إلا أن يريا أثراً». [رأب الصدع: ١/ ١١٨، العلوم: ١/ ٥٥. نقلا من: المختار من صحيح الأحاديث والآثار لصنو المؤلف @: ص ٧٥، وفي المجموع: ص ٦٨، بدون: إلا أن ... إلخ].
ووجه دلالة الحديث: أنهم فهموا أن الحيض والجنابة ينجس بهما البدن، وأن الثياب تنجس بهما مع رطوبة العرق؛ فأجابهم بأن النجاسة حيث جعلها الله، يعني: في الفرجين، وسكت عن تعدِّي النجاسة مع رطوبة العرق لو كان الحيض والجنابة ينجس بهما جميع البدن، وهذا عين التقرير، وإلا فكان اللازم في الإجابة أن يقول: ولا ينجس بهما الثياب لو تنجس البدن بهما.
الدليل الثاني: ما رواه في الأمالي عن زيد بن علي، عن آبائه $، عن علي #، قال: عاد رسول الله ÷ وأنا معه رجلاً من الأنصار فتطهر للصلاة، ثم خرجنا فإذا نحن بحذيفة بن اليمان، فأومأ رسول الله ÷ إلى ذراع حذيفة ليدَّعم عليها فنخسها حذيفة، فأنكر ذلك رسول الله ÷، فقال: «ما لك يا حذيفة؟»، فقال: إني جنب، فقال: «يا حذيفة، أبرز ذراعك، فإن المسلم ليس بنجس»، ثم وضع كفه على ذراعه وإنها لرطبة، فادَّعم عليه حتى انتهى إلى المسجد، ثم قال: «يا حذيفة، انطلق فأفض عليك من الماء، ثم أجب الصلاة». ثم دخل فصلى بنا، ولم يحدث وضوءاً، ولم يغسل يداً. [رأب الصدع: ١/ ١١٩، العلوم: ١/ ٥٦. نقلا من: المختار من صحيح الأحاديث والآثار لصنو المؤلف @: ص ٧٥ - ٧٦، وروى في المجموع نحوه: ص ٦٨].
وفي هذا الحديث دلالات:
الأولى: أن الجنابة لا ينجس بها البدن، وإنما هي مثل نواقض الوضوء التي توجب غسل أعضاء الوضوء، مع أن الأعضاء لم تنجس بها. وهذا جواب عما يقال: فلماذا أوجبت =