الوشي المختار على حدائق الأزهار،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

(1) (باب النجاسات)

صفحة 47 - الجزء 1


= غسل البدن؟

الثانية: أن حذيفة فهم أنها نجاسة وأنها تتعدَّى؛ فلهذا نخسها، وعلل بكونه جنباً، فأجابه النبي ÷ بِـ: «إن المسلم ليس بنجس»، ولم يقل: ولو كانت الجنابة نجاسة فإنها لا تنجسه!

وكذا أمير المؤمنين # فهم ذلك؛ ولهذا قال: وإنها لرطبة ولم يحدث وضوءاً ولم يغسل يداً، يعني: لو كانت الجنابة نجاسة لغسل يده حين باشرت يد حذيفة وهي رطبة!

وفيه فائدة أخرى، وهي أن الجافة لا تتعدى بمباشرتها. وفيه دلالة أخرى، وهي أن الكافر نجس؛ مأخوذ من قوله: «إن المسلم ليس بنجس»؛ فمفهوم الصفة أن الكافر نجس.

الدليل الثالث: ما رواه في الأمالي: عن علي # في الفأرة تقع في السمن فتموت، قال: «إذا كان جامداً أخذت وما حولها فألقيت وأكل ما بقي، وإن كان ذائباً لم يؤكل، وإذا وقعت في البئر فماتت نزحت حتى يغلبهم الماء، وإذا وقعت في الخل فماتت أهريق». [رأب الصدع: ١/ ١٩٢، العلوم: ١/ ٩٠. نقلا من: المختار من صحيح الأحاديث والآثار، لصنو المؤلف @: ص ٤٦].

وجه دلالته على تعدي النجاسة: أنه إذا كان ذائباً فألقيت أن الذي باشرها لاصق فيها، وأن الباقي إنما باشر المباشر.

الوجه الثاني: أنها جامدة لم ينتقل منها شيء، لا في السمن ولا في الخل ولا في الماء؛ فكان يلزم أن لا يتنجس ما باشرته لولا التعدي؛ لأن الرطوبة إنما هي في المباشر، بخلاف البول والبراز ونحوهما، فإنها تنتقل النجاسة منهما إلى المباشر؛ لأن الرطوبة فيهما.

إذا عرفت هذا، فالمتنجس بالبول ونحوه إذا جفّ فالنجاسة باقية فيه، فإذا كانت لا تتعدى إذا باشرها الجسم الرطب لزم أن الفأرة الميتة لا تنجس ما باشرته وإن كان رطباً، ولا ينجس بها السمن المائع ولا الماء ولا الخل؛ لأنها جافة، كالبول الجاف سواء سواء، لا ينتقل منها شيء فيما باشرته، بخلاف البول الجاف، فقد ينتقل منه فيما باشره من الأجسام الرطبة؛ فلما حكم الشرع بأنها تنجس السمن المائع والماء، وأن السمن الجامد لا ينجس بها كله - أفادنا بأن الرطوبة هي التي تتعدى بها النجاسة، سواء كانت في النجس، كالبول =