هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 522 - الجزء 2

  وتحصيل مقصود الواجب أولى من العكس.

  وبعضهم رجح الثاني بأن في حمله على التأسيس مخالفة الأصل الذي هو البراءة⁣(⁣١)، بخلاف حمله على التأكيد⁣(⁣٢)، فيكون أولى.

  (و) إن كان التعاقب بين المتماثلين (بعطف) فهو (تأسيس) بالاتفاق⁣(⁣٣)؛ وذلك لأن الشيء لا يعطف على نفسه ولا يجمع بينه وبين نفسه، مثاله: «صل ركعتين، وصل ركعتين».

  (فإن عطف وعرف) يعني حصل في الأمرين المتماثلين قرينتا التغاير والاتحاد نحو: «صل ركعتين وصل الركعتين» وهكذا: «اسقني ماء واسقني ماء» لأن اللام والعادة يعارضان⁣(⁣٤) العطف، وحينئذ (فالترجيح) هو الواجب إن أمكن (وإلا فالوقف).

  ومن الناس من جزم بالتأسيس؛ لأن الواو واللام إذا تعارضا بقي كون التأسيس هو الأصل مرجحاً سالماً من المعارضة.

  واعترض بأن هذا الوجه أيضاً تعارضه براءة الذمة.


(١) والمراد براءة الذمة عن المرة الثانية.

(٢) قوله: بخلاف حمله على التأكيد ... إلخ قال الآمدي: هذا معارض بما يلزم في التأكيد من مخالفة ظاهر الأمر من الوجوب أو الندب أو القدر المشترك بينهما؛ للقطع بأنه ليس ظاهراً في التأكيد، وإذا تعارض المرجحان بقي التأسيس سالماً مع ما فيه من الاحتياط لاحتمال الوجوب في نفس الأمر. واعترض عليه بأن ترجيح التأسيس معارض بما سبق من ترجيح التأكيد بكون التكرار فيه أكثر. نعم، لو قيل: تعارض التراجيح فيبقى الاحتياط سالماً لكان وجهاً. كذا ذكره في شرح الشرح. أقول: ما ذكره الآمدي مدفوع أيضاً بأن في صورة الحمل على التأكيد لم يلزم استعمال صيغة الأمر في غير معناها من الوجوب أو الندب أو القدر المشترك؛ إذ لا شك أن زيداً الثاني في: جاءني زيد زيد لم يدل إلا على ما دل عليه زيد الأول ولم يكن مستعملاً في غير معناه الحقيقي. (ميرزاجان). قول ميرزاجان: في غير معناه ... إلخ فيه: أن مراده من كون ظاهر الأمر الوجوب أو الندب أو غيرهما هو الوجوب على سبيل الإفادة لا على سبيل الإعادة، وكذا الندب وغيره. (من حاشية ميرزاجان).

(٣) لأن التأكيد بواو العطف لم يعهد أو يقل. (عضد). وإن منع من التكرار العقل نحو: اقتل زيداً اقتل زيداً، أو الشرع نحو: أعتق عبدك أعتق عبدك، فالثاني تأكيد قطعاً وإن كان بعطف. (شرح محلي على الجمع).

(٤) فإن الأرجح العمل بمقتضى العطف؛ لأن العادة والعطف تعارضا فبقي فائدة التأسيس سالمة عن المعارضة. (من خط الشيخ لطف الله).