هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في نسخ الفحوى]

صفحة 214 - الجزء 3

[مسألة: في نسخ الفحوى]

  مسألة: فيما يتعلق بنسخ الفحوى⁣(⁣١)، وهو مفهوم الموافقة، وقد اتفق القائلون بكونه ليس من باب القياس على جواز النسخ به ونسخه مع أصله، واختلف العلماء (في نسخ كل من الفحوى⁣(⁣٢) والأصل) وهو ما له مفهوم (دون الأخر) فهل يجوز نسخ تحريم الضرب وإبقاء تحريم التأفيف وعكسه⁣(⁣٣)، أو لا يجوز شيء من ذلك، أو يجوز بعض ويمتنع بعض؟

  فيه أقوال، أولها: (المنع) مطلقاً، فلا تنسخ الفحوى دون أصلها ولا الأصل دون فحواه، اللهم إلا أن يكون بقاء الفحوى بدليل آخر غير المنسوخ فإنه جائز بلا خلاف، وهذا مذهب أبي الحسين البصري والأكثرين.

  (و) ثانيهما: (الجواز مطلقاً) فينسخ كل من الفحوى والأصل ويبقى الآخر، وهذا مروي عن القاضي عبدالجبار، واختاره عبدالوهاب⁣(⁣٤) في جمعه.


(١) أطلق الفحوى هنا على الأولى والمساوي وفيما سبق على الأولى فقط، وأما المساوي فعبر عنه فيما سبق باللحن. (حبشي). يقال: إطلاق الفحوى عليهما على رأي كثير كما سبق.

(٢) قال البرماوي في شرح ألفيته ما لفظه: سبق في طريق دلالته [أي مفهوم الموافقة] أربعة مذاهب: أحدها: أنه بطريق المفهوم، وهو المراد هنا في نسخه والنسخ به، لا على قول: إنه بالقياس؛ لأن ذلك داخل في قاعدة النسخ للقياس وبه، وقد سبق، ولا على أن دلالته مجازية بقرينة، ولا على أنه نقل اللفظ لها عرفا. اهـ المراد نقله.

(٣) في نسخة: وعكسه لا يجوز شيء من ذلك، وظنن لي بأو قبل قوله: لا يجوز، وكذا ظنن به أيضاً سيلان كما صدر هنا.

(٤) قال البرماوي في شرح ألفيته: إن ورد النسخ على الفحوى مع التعرض لبقاء الأصل كما لو قال: رفعت تحريم كل إيذاء غير التأفيف جاز ذلك على الأصح عند أكثر المتكلمين، والمنع منقول عن أكثر الفقهاء، قيل: ولعل مأخذه أن دلالته لفظية أو قياسية. وإن ورد النسخ على الأصل مع إبقاء الفحوى نحو: رفعت عنك تحريم التأفيف دون بقية أنواع الإيذاء جاز أيضاً؛ لأنه لا يلزم من إباحة الخفيف إباحة الشديد⁣[⁣١]، وقيل: يمتنع؛ لأن الفرع يتبع الأصل، فإذا رفع الأصل فكيف يبقى الفرع؟ ويجتمع في المسألتين ثلاثة أقوال، ثالثها التفصيل. وإن كان النسخ للفحوى من غير تعرض لبقاء الأصل أو رفعه وعكسه فهما المسألتان اللتان تعرض لهما ابن الحاجب والبيضاوي. اهـ بأكثر اللفظ.


[١] في المطبوع: لأنه لا يلزم من إثبات الخفيف إثبات الشديد. والمثبت من شرح ألفية البرماوي.