[مسألة في بيان ما يثبت بالإجماع وما لا يثبت به]
  بطلان التالي فلأنا نجوز تجويزاً لا ينكره إلا الإمامية في كل واحد من مجتهدي الأعصار الخطأ في بعض المسائل والإصابة في بعض، بل لا يبعد أن يقطع المخطئة بذلك.
[مسألة في بيان ما يثبت بالإجماع وما لا يثبت به]
  مسألة: في بيان ما يثبت بالإجماع وما لا يثبت به، فنقول: يجوز أن (يتمسك بالإجماع فيما لا يترتب) الإجماع (عليه) أي: في كل شيء لا يتوقف العلم بكون الإجماع حجة على العلم به سواء كان عقلياً أو شرعياً أو لغوياً أو دنيوياً.
  وأما ما يتوقف العلم بكون الإجماع حجة على العلم به فلا يصح الاستدلال عليه بالإجماع، والأول: (كحدوث العالم ونفي الشريك) للصانع جل وعلا، لأن كون الإجماع حجة لا يتوقف على العلم بهما، وذلك لأنا قبل العلم بهما يمكننا أن نعلم كون الإجماع حجة؛ بأن نعلم إثبات الصانع بإمكان العالم وبحدوث الأعراض(١)، ثم نعلم بإثبات الصانع صحة النبوءة، ثم نعلم بصحة
(قوله): «فلأنا نجوز تجويزاً لا تنكره إلا الإمامية ... إلخ» قد سبق ما عرفت بالنظر إلى مذهب المصوبة.
(قوله): «بإمكان العالم» لم يقل: بحدوث العالم[١] ليندفع ما قيل: إن ثبوت الباري سبحانه يتوقف على ثبوت حدوث العالم، وقد توقف الإجماع على ثبوت الباري تعالى، فليكن الإجماع متوقفاً على الحدوث. ووجه الدفع أن ثبوت الباري - أي: العلم به - متوقف على إمكان العالم دون حدوثه. ومما يدل على عدم توقف ثبوت الباري على ثبوت حدوث العالم ذهاب الفلاسفة مع اعترافهم بثبوت الباري إلى قدم العالم، كذا وجد[٢]، لكن لو قال المؤلف #: وبإمكان الأعراض لتم الدفع؛ لأن الاستدلال على إثبات الباري تعالى إما بحدوث الأجسام والأعراض أو بإمكانهما، وبيان الإمكان أما في الأجسام فلأنها مركبة من الهيولى والصورة أو من الجواهر المفردة، وكل مركب مفتقر إلى أجزائه التي هي غيره، وكل مفتقر ممكن، وكل ممكن له سبب، فالأجسام لها سبب، كذا نقل، ومثله في شرح المواقف، وقد ذكروا في بيان إمكان الأعراض والاستدلال به على الصانع كلاماً يؤخذ من موضعه. وما ذكر من الاستدلال بالإمكان على إثبات الصانع تعالى مبني على أن علة الاحتياج إلى المؤثر هو الإمكان لا الحدوث، وإنما هو شطر أو شرط، ومبني على أن الواجب لا يكون مركباً، ولتحقيق ذلك موضع آخر يؤخذ منه إن شاء الله بمعونة الله تعالى.
(١) فإن حدوث الأعراض كاف لصحة الاستدلال[٣] على وجوده تعالى. (فصول بدائع).
[١] لا حاجة إلى هذا التنكيت، تأمل كلام المؤلف. (سياغي عن خط شيخه).
[٢] نسبه في بعض الحواشي إلى ابن قاسم. (سياغي وغيره).
[٣] في فصول البدائع: كاف في الاستدلال.