هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الأوامر]

صفحة 446 - الجزء 2

  الدعوى، ولا يلزم على هذا الوجه عدم إرادة المأمور به؛ لأن المشهور عن المعتزلة أنها المعنى الموضوع له صيغة الأمر.

  قال أبو الحسين البصري: لأن هذه الصيغة عند أصحابنا موضوعة للإرادة، وكلام الحكيم يجب حمله على موضوعه إذا تجرد عن القرائن.

[معاني صيغة الأمر]

  (مسألة⁣(⁣١): ويرد) الأمر أي: صيغته⁣(⁣٢) التي هي مسماه، وهي «افعل» وما يقوم مقامها⁣(⁣٣) (في) ستة عشر معنى: الأول: (الإيجاب) كقوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}.

  (و) الثاني: (الندب) كقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}⁣(⁣٤) [النور: ٢٧]، {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٩٥}⁣[البقرة]، (ويقرب منه) أي: من هذا المعنى (التأديب⁣(⁣٥) والإرشاد) أما التأديب فكقوله عليه الصلاة والسلام لعمر بن أبي سلمة⁣(⁣٦) المخزومي: «سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك» أخرجه


= أن معنى تعلق الإرادة بكونه خبراً أن المتكلم يريد الإعلام بما تناوله كلامه ووقوف الغير على ما في نفسه، فلم يكن في ذلك وقوف أحد الأمرين على صاحبه⁣[⁣١]، ومثل هذا لا يتأتى في الأمر؛ وذلك لأن تعلق الإرادة بكون الصيغة أمراً فرع على ثبوت الحكم، وثبوته متفرع على تأثير المؤثر فيه، فجاء الدور، ولا يخفى على المتأمل صحة ما ذكره الإمام الحسن بن عز الدين #، نقل هذا من خط المؤلف # بالمعنى.

(قوله): «على هذا الوجه» وهو كون المؤثر إرادة كونه أمراً.


(١) قال السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد |: قد كتبنا في حواشي الإيجاز ما لا تتضح هذه المسألة إلا به فراجعه. اهـ عن خطه.

(٢) لو قال: أي الصيغة التي هي «افعل» لكان أحسن كما لا يخفى.

(٣) يدخل في ذلك اسم الفعل كصه بمعنى اسكت، ومه بمعنى اكفف، والفعل المضارع المقرون باللام نحو: {لينفق ذو سعة}. (ابن أبي شريف).

(٤) هو الدين والوفاء.

(٥) مرجعه إلى الندب أو الوجوب. (نظام فصول).

(٦) اسمه عبدالله بن عبدالأسد بن هلال بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي. (من سيرة ابن هشام). وعمر المذكور ربيب رسول الله ÷؛ لأنه ابن أم سلمة.


[١] بأن يقال: إن تعلقها بكون صيغة الخبر خبراً متوقف على كون الصيغة خبراً، وثبوت كونها خبراً متوقف على تعلق الإرادة بكونها خبراً. (قسطاس).