هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[هل الآخذ بأقل ما قيل آخذ بالإجماع]

صفحة 222 - الجزء 2

  التي تجي في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى (ثم) إن لم يمكن الترجيح لأحدهما عل الآخر وجب (الإهمال⁣(⁣١)) لأن العمل بهما غير ممكن، والعمل بأحدهما من دون الآخر ترجيح من غير مرجح.

[هل الآخذ بأقل ما قيل آخذ بالإجماع]

  مسألة: (الآخذ بأقل ما قيل⁣(⁣٢)) في المسألة (إذا لم يجد دليلاً على ما عداه) أي: الأقل قيل: هو (آخذ بالإجماع) ومثل باستدلال أصحابنا على قصر الإمامة


(قوله): «ثم الإهمال» هذا كما في الفصول حيث قال: أو الاطراح، وقد اعترضه بعض شراح كلامه بأن الإجماع أقوى وأولى من النص؛ ولهذا قدم على القطعي، وعلل ذلك بأنهم لا يجمعون إلا وقد علموا نسخ القطعي، فما ظنك بالظني. وقد نقل عن المؤلف # أيضاً تضعيف القول بالإهمال بما سيأتي في الترجيح من أن الإجماع مع التساوي أرجح؛ لاحتمال النص للنسخ، فلعل المراد إذا عارض هذا الوجه وجه آخر من وجوه الترجيح.

(قوله): «آخذ بالإجماع» ما ذكره المؤلف # في تقرير هذه المسألة وفي حمل كلام الشافعي ظاهر لا إشكال فيه؛ لأنه # حمل أقل ما قيل على جزء مقالة الشافعي؛ لأنها مركبة من إثبات الثلث ونفي الزيادة، فأقل ما قيل هو مجرد إثبات الثلث، وهو مجمع عليه، ولذا قال المؤلف فيما يأتي في الشرح: فالإثبات في البعض بالإجماع والنفي عن البعض الآخر بالاستصحاب، وقال: وليس المراد أن النفي والإثبات مأخوذان من الإجماع. وأما قوله #: «ومثل» أي: الأخذ بالإجماع على أقل ما قيل «باستدلال أصحابنا على قصر الإمامة ... إلخ» فالظاهر أنه قصد به الاعتراض على التمثيل به، فإن المجمع عليه إنما هو مجرد صحتها فيهم، وهو جزء المدعى، وأما القصر فيهم فهو مركب من صحتها فيهم ونفيها عما عداهم؛ لأن ذلك معنى القصر، ولا إجماع عليه، وصاحب الفصول إنما استدل به على صحتها فيهم فقط ونسبه إلى أئمتنا كالهادي والقاسم $؛ إذ صحتها فيهم هو أقل ما قيل، ونفيها عن غيرهم بمثابة الاقتصار على الأقل الثابت بغير الإجماع، بل إنما ثبت بفقد الدليل في غيرهم كما يأتي، وقد أورد على هذا حديث: «الأئمة من قريش» وأجاب عنه النجري، والاستيفاء يحتاج إلى بسط⁣[⁣١] لا يليق بالمقام.


(١) والأخذ في الحادثة بغيرهما.

(٢) في شرح ابن جحاف: الآخذ بأقل ما قيل إذا لم يجد دليلاً على ما عداه آخذ بالإجماع، كتمسك الشافعي | في أن دية الذمي الثلث بأن الأمة ما بين قائل بالكل وبالنصف وبالثلث، فالكل متفقون على وجوب الثلث، فيكون ثابتاً بالإجماع، ويجب الاقتصار عليه؛ لفقد الدليل على الزيادة؛ لأن فقده بعد البحث والنظر مستلزم لعدم الحكم، ويجب نفي ما لا دليل عليه، وإلا لزم تكليف الغافل لو فرض وجود حكم لا دليل عليه.


[١] قال النجري ما لفظه: فإن قيل: مدعاكم هو قصرها على البطنين فكيف يصح الاحتجاج بالإجماع عليه والإجماع إنما هو على صحتها فيهم لا على قصرها عليهم؟ قلنا: لم نحتج بالإجماع على قصرها عليهم، بل القصر له طرفان: صحتها فيهم ونفيها عن غيرهم، فاحتجينا على الطرف الأول بالإجماع، وعلى الثاني بعدم الدليل، وقد أشار الإمام # إلى هذين الطرفين وكيفية الاحتجاج عليهما؛ لأن الإمامة شرعية، وإنما تؤخذ أحكامها من الشرع، ولا دليل في الشرع يدل على جوازها في غيرهم، فوجب نفيه، فإن قيل: كثيراً ما يتكرر أن عدم الدليل لا يدل على عدم المدلول عليه، فكيف تستدلون بعدم الدليل على جوازها [في غيرهم] على عدم الجواز؟ قلنا: عدم الدليل لا يدل على عدم المدلول في الأمور العقلية، وأما في الشرعية فيدل، وإلا لجوزنا تكاليف شرعية [كثيرة] ولا دليل عليها، وفيه هدم الشريعة وبطلان التكاليف، وأنه محال. (بلفظه ح).