هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأحكام التكليفية]

صفحة 561 - الجزء 1

  وما تعلق بفعل الصبي والمجنون والنائم وغير ذلك.

  وقوله: «اقتضاء أو تخييراً أو وضعاً» يخرج ما عدا الخمسة والسبب والشرط والمانع؛ لأن الوضع عبارة عن جَعْل الشيء سبباً أو شرطاً أو مانعاً.

[الأحكام التكليفية]

  (وهو) أي: الحكم المبحوث عنه (تكليفي ووضعي⁣(⁣١). الأول) وهو التكليفي (خمسة) أقسام، وتسميته تكليفياً لكون بعض أقسامه كذلك وإن كان بعضها غير تكليفي فلا مشاحة في الاصطلاح، وانقسم إلى الخمسة (لأن معرف الحكم) أي: الدليل عليه إما أن يقتضي الفعل أو لا، ثم (إن اقتضى الفعل) فإما أن يمنع من الترك أو لا (فإن منع من الترك فوجوب⁣(⁣٢)، وإلا


(قوله): «والسبب والشرط والمانع» أغفل المؤلف # هنا العلل والأمارات، أما العلل فلعل وجه ذلك أنه اعتبر هنا دخولها في السبب كما في الفصول، فإنه جعل السبب علة وغير علة، وكما في الجواهر، فإنه قسم السبب إلى وقتي لا يستلزم حكمة باعثة كالزوال، وإلى معنوي مستلزم لحكمة باعثة كالإسكار. وأما ذكره # للعلل فيما سبق فاعتبار لما في كثير من كتب الفن. وأما الأمارات فلدخولها في السبب أيضاً كما أشار إلى ذلك الشريف في حاشيته، أو لترجيح ما فعل الآمدي، فإنه لم يذكر الأمارة - بمعنى جعل الشيء دليلاً - في خطاب الوضع.

(قوله): «لأن الوضع عبارة» هذا التعليل إشارة إلى دفع اعتراض ذكره في الفصول عن بعض المتأخرين، حاصله أن السبب والشرط والمانع ليست أنفسها أحكاماً، وإنما هي علامات للأحكام، فلا تسمى أحكاماً.

ووجه الدفع أن الحكم جَعْلُ الشارع لها سبباً وشرطاً ومانعاً، لا نفس السبب والشرط والمانع. بيانه: أن الزنا مثلاً لا كلام في كونه ليس بحكم، إنما الحكم جعل الشارع له علامة لوجوب الحد، وهذا هو المراد فلا إشكال.

(قوله): «وإن كان بعضها غير تكليفي» كالإباحة، وكذا الندب والكراهة على المختار، ذكره الشيخ العلامة في شرح الفصول والتفتازاني.

(قوله): «إن اقتضى الفعل» هذا بناء على أن التكليف إنما يكون بفعل إما كف أو غير كف، دون عدم الفعل، وسيأتي.


(١) والفرق بين خطاب الوضع والتكليف من حيث الحقيقة أن الحكم في الوضع هو قضاء الشرع على الوصف بكونه سبباً أو شرطاً أو مانعاً، وخطاب التكليف طلب ما يقرن بالأسباب والشروط والموانع. (هامع).

(٢) فإن قلت: هل بين الإيجاب والوجوب والحرمة والتحريم والتحليل والحل فرق؟ قلت: نعم، قال بعض المحققين ما معناه: الإيجاب نفس قوله تعالى: افعل، وليس للفعل منه صفة حقيقية؛ لأن الصفة الحقيقية يجب أن تقوم بموصوفها، والإيجاب ليس قائماً بفعل المكلف، فقوله ÷: «افعل» إذا نسب إلى الحاكم يسمى إيجاباً، وإذا نسب إلى فعل المكلف يسمى وجوباً، فهما متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار؛ فلذلك تراهم يجعلون أقسام الحكم الوجوب والحرمة تارة والإيجاب والتحريم تارة. (حلواني). قوله: «إذا نسب إلى فعل المكلف يسمى وجوباً» هو مبني على مذهب الأشعرية أن الحكم خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين فتأمل.