هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(فصل:) في البيان والمبين

صفحة 48 - الجزء 3

[مسألة في تأخير البيان عن وقت الحاجة]

  مسألة: و (لا) يجوز أن (يتأخر البيان⁣(⁣١) عن وقت الحاجة) من المكلف إلى البيان، وهو وقت التنجيز⁣(⁣٢)، وهو قول عامة المسلمين⁣(⁣٣)، إلا من يقول بجواز التكليف بما لا يطاق فإنه عندهم جائز غير واقع.

  (و) اختلفوا في التأخير (إليه) أي: عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة (قيل: بالجواز مطلقاً) يعني سواء كان الخطاب ظاهراً أريد به خلافه كبيان التخصيص والتقييد والنسخ⁣(⁣٤) والاسم الشرعي أو لا، كبيان المجمل، وسواء كان خبراً أو إنشاء، وهو مذهب الإمام يحيى بن حمزة والمرتضى الموسوي والجمهور من الحنفية والشافعية واختيار ابن الحاجب.

  (وقيل بالمنع مطلقاً) وهو مذهب أبي إسحاق المروزي وأبي بكر الصيرفي⁣(⁣٥) من الشافعية وبعض الحنفية والحنابلة والظاهرية، واختاره الإمام أبو طالب وقال: إنه قول أبي علي وأبي هاشم.

  (وقيل) بالمنع (في غير النسخ) وأما بيان النسخ فيجوز تأخيره إلى وقت


(قوله): «والاسم الشرعي» كالصلاة فإن معناها الشرعي في الأصل محتاج إلى البيان.


(١) والمراد بالبيان هنا مقيد المطلق ومخصص العام وناسخهما أو غيرهما، ذكر معناه خير الله. (حاشية فصول).

(٢) أي: تنجيز التكليف. (سعد).

(٣) قال في التلويح: وما روي من أنه نزل قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}⁣[البقرة: ١٨٧]، ولم ينزل: {مِنَ الْفَجْرِ}، فكان أحدنا إذا أراد الصوم وضع عقالين أبيض وأسود، فكان يأكل ويشرب حتى يتبينا - فهو محمول على أن هذا الصنيع كان في غير الفرض من الصوم، ووقت الحاجة إنما هو الصوم الفرض. اهـ وقال سراج الدين: الحق أن دلالة الحال كانت قائمة في إرادة غير الظاهر، وقوله: {مِنَ الْفَجْرِ} نزل بعد ذلك زيادة بيان.

(٤) جعل النسخ من البيان لأنه تخصيص في الأزمان.

(٥) ونظر الرواية عنهما السبكي في شرح المنهاج.