هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأدلة الشرعية]

صفحة 5 - الجزء 2

[الأدلة الشرعية]

  ولما فرغ من المقدمة وما يتبعها من الأبحاث المحتاج إليها في هذا العلم أخذ في بيان مقاصده، وقدم الكتاب لأنه أصل الأدلة الشرعية، والسنة على الإجماع لأنها أصله، والإجماع على القياس لسلامته عن الخطأ - فقال:

(المقصد الأول: في الكتاب)

  الكتاب اسم للقرآن، غلب عليه من بين الكتب في عرف أهل الشرع⁣(⁣١) كما غلب على كتاب سيبويه في عرف أهل العربية (وهو: الكلام المنزل للإعجاز بسورة من جنسه) خرج الكلام الذي لم ينزل، كالمكتوب في اللوح المحفوظ ولم ينزل قط على القول بأنه حقيقة، وما أنزل لا للإعجاز كسائر


(قوله): «وما يتبعها من الأبحاث» وهي الأبحاث الثلاثة: الأول في المنطق، الثاني في الموضوعات، الثالث في الأحكام.

وظاهر قول المؤلف #[⁣١] في أول الكتاب: «ورتبته على مقدمة وثمانية مقاصد» أن هذه الأبحاث من المقدمة.

(قوله): «والإجماع على القياس» أراد ذكر الأدلة المتفق عليها بين الجمهور؛ فلذا لم يذكر الاستدلال⁣[⁣٢].

(قوله): «بسورة من جنسه» لم يقل كما في الفصول: بأقل سورة، وكذا لم يقل: أو بعدة آياتها - لعدم الاحتياج إليه في التعريف. وإنما زادوا ذلك في الحد للتنبيه على أقل ما وقع به التحدي؛ ولذا قال في شرح الجمع: إن ذكر ذلك بيان للواقع لا للاحتراز عن شيء نزل على نبيئنا ÷ للإعجاز لا بسورة منه. ثم قال: لكن قوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ}⁣[الطور: ٣٤]، قد يقتضي الإعجاز بآية. قال المحلي: ولا حاجة إلى قوله: المتعبد بتلاوته لإخراج منسوخ التلاوة؛ لأن ذلك حكم من أحكام القرآن، ولا يدخل في الحدود⁣[⁣٣].

(قوله): «على القول بأنه» أي: اللوح «حقيقة» كما روي عن ابن عباس ®: هو لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء إلى الأرض، وعرضه ما بين المشرق إلى المغرب. وأما على القول بأنه علم الله فليس بحقيقة فلا تناسبه الكتابة، فلا يصلح الاحتراز بالمنزل عما كتب فيه. وقيل: أراد بقوله: «بناء⁣[⁣٤] على أنه» أي: الكلام الذي لم ينزل «حقيقة» بناء على إثبات الكلام النفسي، لكن لا يخفى أن المؤلف # لو قصد ما ذكر لقال: «حقيقة فيه» بزيادة لفظ «فيه» أي: في الكلام النفسي، =


(١) وهو في اللغة اسم للمكتوب. (تلويح).


[١] قد وجه القاضي هذه العبارة فيما مر في قوله: «ورتبته على مقدمة وثمانية مقاصد» فارجع إليه. (ح من خط شيخه).

[٢] وهو ثلاثة: التلازم، وشرائع من قبلنا، والاستصحاب، ذكره السعد.

[٣] لفظ المحلي: وبالتعبد بتلاوته أي: أبداً - ما نسخت تلاوته، إلى أن قال: وللحاجة في التمييز إلى إخراج ذلك زاد المصنف على غيره المتعبد بتلاوته، وإن كان من الأحكام، وهي لا تدخل في الحدود.

[٤] لفظ الهداية: على القول بأنه حقيقة، وإنما عبر بالمعنى. (ح).