هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الواضع]

صفحة 309 - الجزء 1

[الواضع]

  (وبه يدل اللفظ لا بذاته⁣(⁣١)) هذا أول الكلام في الواضع، يعني


(قوله): «هذا أول الكلام في الواضع⁣[⁣١]» هل هو الله أو غيره أو يتوقف في ذلك، واعلم أن ابن الحاجب وشراح كلامه جعلوا الكلام على الموضوعات اللغوية في أربعة أبحاث: التكلم على حدودها ثم أقسامها ثم ابتداء وضعها ثم طريق معرفتها، والمؤلف # أغفل الأول وقدم الثالث ثم الرابع وأخر الثاني فينظر في وجه ذلك⁣[⁣٢].


(١) قوله: «لا بذاته» إذ ليس بين اللفظ ومدلوله مناسبة ذاتية؛ إذ يصح وضع كل لفظ لكل معنى حتى لنقيض ما قد وضع له وضده، ولا يلزم منه محال، بل ذلك معلوم الوقوع كالقرء للحيض والطهر وهما نقيضان، والجون للأسود والأبيض وهما ضدان، ولو كانت دلالته عليهما بالمناسبة الذاتية فإن دل على أحدهما بها في ذلك الاصطلاح فإما أن لا يدل على الآخر فيه بها لزم تخلف ما بالذات، أو يدل عليه معه بها لزم اختلاف ما بالذات، وتخلف ما بالذات واختلافه محالان، وكل ما لزم منه محال فهو محال، فثبت أن دلالة اللفظ بالوضع لا بالمناسبة الذاتية كما يقوله عباد. (من شرح ابن جحاف). ثم قال: فصل: ولا بد من واضع له؛ ضرورة احتياج الفعل إلى فاعل، وأما تعيينه فقد اختلف فيه على أقوال؛ فعند جمهور أئمتنا $ والبهشمية هو البشر واحداً أو جماعة ثم يحصل التعريف بالإشارة والترديد، كما في الأطفال يتعلمون اللغات بالترديد مرة بعد أخرى مع القرائن. وقال أبو الحسن الأشعري ومتابعوه: الواضع للغات هو الله تعالى علمها آدم #، وهذا معنى ما عزي إلى المرتضى وأبي مضر والبغدادية وأكثر الأشعرية إنها توقيفية، قال أبو الحسن: والتعليم بالوحي أو بخلق أصوات تدل على الوضع وإسماعها لواحد أو جماعة، أو خلق له ولهم علماً ضرورياً بأنها قصدت الدلالة على المعاني. وقال أبو علي وأبو إسحاق الإسفراييني: القدر المحتاج إليه في التعريف يحصل بالتوقيف من قبل الله سبحانه، وغيره محتمل لأن يكون واضعه البشر وأن يكون توقيفاً من قبله تعالى. وعن الإمام وابن أبي الخير وبعض الأشعرية: الجميع ممكن ولم يثبت تعيين الواضع لا البشر ولا التوقيف مطلقاً ولا في القدر المحتاج إليه؛ لبطلان أدلته كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وهذا مختار المؤلف |. (منه).


[١] وفي نسخة أوان الكلام. قال المصنف: الموجود بعد هذا من الحواشي قد صار عند مولانا ضياء الإسلام حفظه الله وحماه وقد صحح بحمد الله، وأما المنقول في هذا الصادر من أول الحاشية إلى هاهنا فيكون عوضاً عن الحاشية التي قد صارت عنده حفظه الله. (ح).

[٢] يقال: أما وجه إغفال الأول فقد أغنى عنه تعريف الوضع في عبارة المؤلف، فربما كان ذكره موهماً للتكرار، وأما تقديم الثالث فلكون معرفة الواضع أحق بالتقديم ثم بعد ذلك معرفة الطرق ثم التقسيم بعدما ذكر. (من أنظار القاضي أحمد بن صالح أبي الرجال ح عن خط شيخه).

ولفظ حاشية: لا يخفى أنه يمكن أن يمنع إغفال المؤلف للبحث الأول وربما عدل عن عنونة هذا البحث بالموضوعات اللغوية إلى عنونته بالوضع ثم تكلم على حده، وأنت خبير بأنه لا حجر له عن مخالفة المختصر سيما في مجرد ترتيب أو عنوان، على أن لهذه المخالفة نكتة ستذكر إن شاء الله تعالى. (إسماعيل بن محمد بن إسحاق ح).

[*] - لعل وجه ذلك أن يقال: إنه لا حاجة إلى تحديد الموضوعات لتعقلها من تحديد الوضع، وأما تقديم ابتداء الوضع ثم طريق معرفتها فهو المناسب؛ إذ معرفة ابتداء الوضع مقدمة على طريق المعرفة، وإذا عرفت هذا علمت مناسبة تأخير القسم الثاني؛ إذ هو متوقف على معرفة انتفاء الوضع ثم معرفة الطريق، والله أعلم. (سيدي أحمد بن محمد بن إسحاق ح).