هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]

صفحة 748 - الجزء 2

  فإن قيل: سند الإجماع⁣(⁣١) قد يكون قياساً كما مر، وفي التخصيص بالقياس مقال كما يجيء.

  قلنا: المقال في قياس لم ينعقد عليه إجماع، على أن مانع التخصيص بالقياس يخصص الإجماع المخصَّص بكون مستنده نصاً صريحاً، وهذا (كتضمن العمل بخلاف النص للناسخ) يعني كما أن عمل أهل الإجماع بخلاف ما هو نص في حكم من غير عموم متضمن لنص ناسخ لذلك النص الدال على الحكم بخصوصه؛ لامتناع عمل أهل الإجماع على خلاف النص من غير اطلاع على ناسخ له، ولأجل هذا حكم على أن الإجماع لا يكون ناسخاً وإنما الناسخ ما يتضمنه، وإطلاقهم القول بأن الإجماع يصلح مخصصاً ولا يصلح ناسخاً مجرد اصطلاح مبني على أن النسخ لا يكون إلا بخطاب الشرع والتخصيص قد يكون بغيره من العقل والحس وغيرهما، وأما من جهة المعنى فلا فرق؛ إذ كل من النسخ والتخصيص في الظاهر بالإجماع وفي التحقيق بالمتضمن.

[تخصيص السنة]

  مسألة: (و) يجوز تخصيص (السنة⁣(⁣٢) بها) أي: بالسنة عند الجمهور، والمخالف في ذلك أقل قليل، والتفصيل: أن السنة العامة إما متواترة أو آحادية، والمخصصة كذلك،


= وينظر في وجه زيادة صريحاً⁣[⁣١]. وهذا الجواب لا ينتهض معه الاستدلال بالإجماع على تنصيف الجلد في حق العبد؛ لأن مستنده قياس.

(قوله): «للناسخ» متعلق بتضمن.

(قوله): «والمخصصة» أي: والسنة المخصصة «كذلك» أي: كالسنة العامة.


(١) في نسخ: مستند.

(٢) قال البرماوي في شرح ألفيته ما لفظه: وحكى الشيخ أبو حامد عن داود أنهما يتعارضان، ومنشأ الخلاف في ذلك مما سبق من أن السنة إنما تكون مبينة؛ لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}، لا محتاجة للبيان سواء تواترت أم لا؛ ولذا قال القاضي عبدالوهاب: منع بعضهم من تخصيص السنة بالسنة لما سبق.


[١] لعل وجهه التنصيص على تعين النص، وهو الذي لا يحتمل غيره كما يأتي بيانه في باب المنطوق والمفهوم؛ إذ قد يطلق في مقابلة الإجماع والقياس، وحين أن يطلق في مقابلة ذلك يراد به ما هو أعم من الاحتمال للغير وعدمه، والله أعلم. (من خط السيد أحمد بن محمد بن إسحاق | ح). وكتب عليه السيد عبدالله الوزير | ما لفظه: ووجهه أنه لما أريد أن المستند نص لا قياس كان مظنة أن يتوهم أنه أريد بالنص ما يقابل القياس، وهو يشمل الظاهر كما سيأتي في الباب الخامس، قال: وقد كنت كتبت نحوه في مذاكرة قديمة مع الصنو إسحاق. (من خطه).