هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الاستصحاب]

صفحة 550 - الجزء 3

  المستفادة من الأحكام الوضعية بدون الثلاثة محال بالإجماع، ولأنهم اعترفوا بأن التلازم بين الحكمين لو عينت علته كان قياس علة، فقد عاد إلى قياس الدلالة. ولا الخلاف في كون مذهب الصحابي حجة وفي المصالح المرسلة لتقدمهما⁣(⁣١)، بل اقتصر على ذكر ثلاثة أمور في ثلاثة فصول فقال:

[الاستصحاب]

  (فصل: الاستصحاب) ومعناه (بقاء التمسك بالدليل حتى يرد ما يغيره) بأن يجعل الأمر الثابت في الماضي باقياً إلى الحال لعدم العلم بالمغير، وقد يكون استصحاباً لحكم عقلي (كاستصحاب البراءة الأصلية) حتى يرد ناقل (و) قد يكون لشرعي كاستصحاب (الملك والنكاح والطلاق) حتى يرد مغير، كالعلم بالبيع والطلاق والاسترجاع (وهو معمول به) عند الأكثر من أصحابنا


(قوله): «من الأحكام الوضعية» كالصحة والبطلان والشرطية والمانعية والسببية، كقولهم: وجد السبب فيوجد الحكم، أو فقد الشرط فيعدم الحكم، ونحو ذلك. وقد يكون استفادة الملازمة من الأحكام التكليفية، مثل ما لا يكون حراماً يكون جائزاً أو نحو ذلك، فينظر ما وجه الاقتصار على الأحكام الوضعية.

(قوله): «محال» أي: في الشرع؛ ولذا قال: بالإجماع؛ إذ ما ثبت بغيرها لا يكون شرعياً.

(قوله): «ولأنهم» أي: الأصوليين «اعترفوا ... إلخ» قال في شرح المختصر: التلازم بين حكمين من غير تعيين علة للتلازم وإلا كان قياساً، ففي قولنا: من صح طلاقه صح ظهاره العلة في صحة الطلاق هو كونه أهلا للطلاق باستجماع شروط صحته، فلو عينت الأهلية في هذا المثال كان قياس علة.

(قوله): «فقد عاد» أي: التلازم «إلى قياس الدلالة» يعني لعدم تعيين العلة في التلازم كما عرفت من اشتراط عدم تعيين العلة فيه، بل إنما دل التلازم عليها كما هو شأن قياس الدلالة، وحينئذ فيكون التلازم من قياس الدلالة فلا يكون دليلا مستقلا، وينظر في عودة جميع أمثلة التلازم المذكورة في شرح المختصر إلى قياس الدلالة واستيفاء الكلام في ذلك لا يحتمله المقام.

(قوله): «ولا الخلاف» عطف على التلازم، وإعادة حرف النفي لطول الفصل.


(١) أما الخلاف في صحة مذهب الصحابي فتقدم في الإجماع عند قوله: وقول الصحابي على غيره إلخ من مسألة إجماع المدينة، وأما المصالح المرسلة فتقدم في القياس في بحث المناسب، وهي المسمى هنالك بالمرسل.