هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[المفهوم]

صفحة 83 - الجزء 3

  القول: معناه ولحنه، وقال في قوله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}⁣[محمد: ٣٠]، أي: في فحواه ومعناه، والمراد به المعنى الخفي كما قال أبو زيد: تقول: لحنت له - بالفتح - ألحن لحناً إذا قلت له قولاً يفهمه عنك ويخفى على غيره، ويقال: عرفت ذلك في فحوى كلامه، يمد ويقصر، ويقال: فحا بكلامه إلى كذا يفحو فحواً: إذا ذهب به إليه.

  وما ذكر من تسمية الأَوْلى بفحوى الخطاب والمساوي بلحن الخطاب مذهب كثير من العلماء، وكثير منهم يسمون كل واحد من القسمين بكل واحد من الاسمين، ومنهم من يسمي الأولى بهما دون المساوي، وهو القائل بأن المساوي ليس من مفهوم الموافقة، وهذا خلاف في الاصطلاح، ولا مشاحة فيه.

[الأقوال في وجه الدلالة على الحكم في مفهوم الموافقة]

  ولما لم تمكن معرفة كون الحكم في المسكوت عنه أشد مناسبة منه في المذكور أو مساوياً إلا باعتبار المعنى المناسب المقصود من الحكم كالإكرام في منع التأفيف⁣(⁣١)، وعدم تضييع الإحسان والإساءة في الجزاء بالمثقال، والأمانة في أداء القنطار، وعدمها في عدم أداء الدينار، والإتلاف في تحريم أكل مال اليتيم - اختلف في وجه الدلالة على الحكم في المسكوت عنه، فقيل: إن ذلك من جهة القياس؛ لتوقفه على معرفة الجامع كما بيناه، وهو المسمى بالقياس⁣(⁣٢) الجلي كما يجيء إن شاء الله تعالى، واختاره صاحب الفصول من أصحابنا، وعزاه إلى


(قوله): «ولما لم تمكن معرفة كون الحكم ... إلخ» جواب هذا قوله فيما يأتي: اختلف في وجه الدلالة ... إلخ.

(قوله): «على معرفة الجامع» وهو الإكرام وغيره كما سبق.

(قوله): «وهو المسمى بالقياس الجلي» وهو ما يعرف الحكم فيه بطريق الأولى⁣[⁣١]، فتكون الدلالة عليه معنوية متوقفة على الإلحاق بجامع العلة.


(١) فإذا كان المفهوم إكرامه علمنا أن ضربه حرام بطريق الأولى.

(٢) وهو ما قطع فيه بنفي الفارق، فيشمل الأولى والمساوي. (للسيد عبدالله ابن علي الوزير |).


[١] بل ما قطع فيه بنفي الفارق ليشمل الأولى والمساوي فاعرف. (برطي ح).