هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة: في شروط العلة]

صفحة 326 - الجزء 3

[مسألة: في شروط العلة]

  ولما تقضي ما أراده من ذكر شروط الفرع شرع في شروط العلة فقال:

  (مسألة: ومن شروط العلة⁣(⁣١) شرعيتها) فيجب أن تكون شرعية، بمعنى أن المنوط بها حكم شرعي وهي باعثة عليه أو معرفة له على اختلاف الرأيين⁣(⁣٢)، لا عقلية موجبة لمعلولها؛ فإن للبحث عن العلل العقلية فناً آخر.

  (و) منها: (انتفاء شمول دليلها حكم الفرع) فيجب أن لا يكون الدليل الدال عليها متناولاً لحكم الفرع لا بعمومه ولا بخصوصه؛ للاستغناء حينئذ عن القياس بذلك الدليل، مثاله في العموم حديث مسلم: «الطعام بالطعام مثلاً بمثل» فإنه دال على علية الطعم، فلا حاجة في إثبات ربوية الذرة مثلاً إلى قياسها على البر بجامع الطعم؛ للاستغناء عنه بعموم الحديث⁣(⁣٣)، ومثاله في


(قوله): «على اختلاف الرأيين» في التعليل بالمعرفة، وهي التي تكون مجرد أمارة وسيأتي.


(١) قال في المختصر: ومن شروط علة حكم الأصل أن تكون بمنعى الباعث على الحكم، اعلم أن الباعث على الحكم أو الفعل هو العلة الغائبة التي هي الغرض منه، والغرض منحصر في جلب لذة للعبد بدنية أو عقلية أو دفع ألم بدني أو عقلي، وهذا الغرض هو الحكمة في الحكم أو الفعل. (مختصر وشرح الجلال عليه).

(*) قال المحقق الجلال في شرح المختصر: وأما أن من شروط علة الأصل⁣[⁣١] أن يكون دليلها شرعياً فإن أريد بالشرعي النص فقط فمشكل؛ لثبوتها بغيره كما سيأتي، وإن أريد بالشرعي ما أذن الشرع بالاستدلال به، وهو الاجتهاد الذي منه الاستنباط، بمعنى أن لا تثبت جزافا - فذلك معلوم من حال المجتهد طالب الحق، وأما تعليل شارح الشرح بأنه لولا ذلك الشرط لما كان القياس شرعياً فوهم؛ لأن معنى كونه شرعياً ليس إلا أنه إثبات لحكم شرعي، وشرعيته إنما تكون بشرعية حكم الأصل لا بشرعية علته؛ فإنها قد لا تثبت إلا بحكم المجتهد لا بحكم الشارع.

(٢) كما سيذكره في آخر بحث شروط العلة في شرح قوله: مسألة قيل: يثبت حكم الأصل بالعلة لأنها الباعث.

(٣) قال القرشي في المنهاج: فإن هذا وإن دل على كون الطعم علة إلا أنه قد تناول بعمومه تحريم الربا في الفواكه.


[١] في المطبوع: علة النص. والمثبت من شرح المختصر للجلال.