هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأحكام التكليفية]

صفحة 642 - الجزء 1

[المكروه]

  مسألة: (المكروه) في اللغة: ضد المحبوب، وفي الاصطلاح: (ما يمدح تاركه) أي: فعل يمدح تاركه، فالفعل جنس للأحكام⁣(⁣١) الخمسة، وهو المعبر عنه بـ «ما»، ويمدح تاركه يخرج الواجب والمندوب والمباح (ولا يذم فاعله) يخرج الحرام.

  لا يقال: المباح قد يمدح تاركه ولا يذم فاعله، أما انتفاء الذم عن فاعله فظاهر، وأما مدح تاركه فباعتبار فعل واجب أو مندوب؛ لأنا نقول: قيد الحيثية معتبر في التعريفات، فالمراد أنه يمدح تاركه من حيث إنه تاركه، ومدحه فيما ذكر من حيث إنه فعل واجباً أو مندوباً لا من حيث ترك المكروه⁣(⁣٢)، وهو ظاهر⁣(⁣٣).

  (وقد يطلق) المكروه (على الحرام) كقول أصحابنا: يكره النفل في الثلاثة الأوقات⁣(⁣٤) (و) قد يطلق (على ترك الأولى⁣(⁣٥)) كالمندوبات إذا تركت،


(١) الفعل ليس بجنس للأحكام، وإنما هو المحكوم فيه، وهو متعلق الأحكام. (من إفادة السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).

وفي حاشية: يقال: الحكم وصف للفعل فتحقق جنسيته له؛ إذ هو متعلق الفعل كما تقدم.

(*) يعني لمتعلقاتها.

(٢) قوله: (لا من حيث ترك المكروه) ظنن في نسخ بالمباح، وهو الصواب.

(٣) وبقيد الحيثية أيضاً لا يرِد أن الفاسق لا يستحق الثواب بفعل الواجب والمندوب ولا بترك المحظور والمكروه؛ لأن عدم استحقاقه الثواب بذلك إنما كان لانحباطه بملابسة المعاصي لا من حيث إنه فعل أو ترك. (شرح طبري على الكافل).

(٤) كون الكراهة في هذه الأوقات للتحريم ذكره بعض أهل المذهب، وقد يرجح، وقال الإمام المهدي #: ظاهر كلام أهل المذهب أن الكراهة للتنزيه.

(٥) والفرق بين المكروه وترك الأولى ما ذكره الأزهري في شرح الجمع أن الخطاب إن اقتضى الترك لشيء اقتضاء غير جازم بنهي مخصوص بالشيء فكراهة، أو بغير نهي مخصوص بالشيء - بأن يكون النهي في ضمن الأمر بضده كما سيأتي أن الأمر بالشيء نهي عن ضده أو يستلزمه على الخلاف الآتي - فخلاف الأولى.