هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 549 - الجزء 2

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

  (الباب الثالث) من المقصد الرابع (في) مباحث (العموم والخصوص⁣(⁣١)) وما يلحق بهما وفيه أربعة فصول:

[فصل: في ذكر العام]

  (فصل: العام الكلمة الدالة دفعة على جميع ما تصلح له⁣(⁣٢) بوضع واحد) فقوله: «الكلمة» جنس قريب، وفيه تنبيه على أن العموم من عوارض الألفاظ.


(قوله): «وما يلحق بهما» وهو المطلق والمقيد كما سيصرح بذلك المؤلف # في آخر الباب.

(قوله): «على جميع ما تصلح له» أي: الذي تصلح له الكلمة من الأفراد. والمراد صلوح الكلمة باعتبار معناها، مثلاً الرجل كلمة دالة على جميع ما يصلح معناها له من الأفراد، بأن تصدق الماهية على كل واحد من الأفراد ويخبر بها عنه.

(قوله): «جنس قريب» فهو أقرب من اللفظ في حد أبي الحسين ومن قول ابن الحاجب ما دال ... إلخ. ولعله يدخل في الكلمة الموصول مع صلته؛ فلا يرد ما أورده ابن الحاجب على حد الغزالي حيث قال: اللفظ الواحد ... إلخ من أنه ليس بجامع لخروج الموصول مع صلته؛ لأنه ليس بلفظ واحد، وأجاب عن ذلك في شرح المختصر بأجوبة تركناها خشية التطويل.

(قوله): «من عوارض الألفاظ» هذا بناء على ما استقربه المؤلف #[⁣١] في الشرح في آخر البحث حيث قال: والأقرب أنه في اللغة للأمرين وفي الاصطلاح للألفاظ لا غير، وأما في المتن فبنى على أنه حقيقة في المعاني أيضاً حيث قال: وفي المعاني كذلك يعني حقيقة كما في الألفاظ، فالملائم للمتن عدم التقييد بالكلمة؛ ولذا صرح المؤلف فيما يأتي بأن التحديد باستغراق اللفظ مختص بمن لم يقل إنه حقيقة في المعاني.


(١) من أقوى الأدلة على العمل بالعام حديث أبي هريرة قال: سئل رسول الله ÷ عن الحمر فيها زكاة؟ فقال: «ما جاءني فيها شيء إلا هذه الآية الفاذة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة]، رواه أحمد، وفي الصحيحين معناه. (من المنتقى). فاستدلاله ÷ بالعموم ظاهر في شرعية التطوع بالصدقة عن الحمر وقد قال معنى ذلك ابن تيمية في المنتقى أيضاً. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد). والأولى أن يقال: فاستدلاله ÷ بالآية على شرعية التطوع بالصدقة عن الحمر ظاهر في اعتبار العموم تأمل.

(*) قال في الغيث الهامع: دلالة⁣[⁣٢] العموم كلية، أي: محكوم فيه على كل فرد بحيث لا يبقى فرد، فقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥] بمنزلة قوله: اقتلوا زيداً المشرك وعمراً المشرك وهكذا حتى لايبقى فرد منهم إلا تناوله اللفظ، وهذا مثل قولنا: كل رجل يشبعه رغيفان، أي: كل واحد على انفراده. وليست دلالته من باب الكل، وهو الحكم على المجموع من حيث هو كأسماء العدد كقولنا: العشرة زوج.

(٢) واحترز بقوله: ما تصلح له عما لا تصلح له، فعدم استغراق «ما» لمن يعقل إنما هو لعدم صلاحيتها له - أي: عدم صدقها عليه - لا لكونها غير عامة. (من شرح أبي زرعة على الجمع).


[١] في أول بحث العموم بقوله: والأقرب أنه في اللغة للأمرين، قبيل مسألة اختلف في الصيغ ... إلخ. (ح من خط شيخه).

[٢] في الغيث الهامع: مدلول العموم.