[مسألة: هل يجوز للمجتهد أن يقلد غيره قبل اجتهاده]
[مسألة: هل يجوز للمجتهد أن يقلد غيره قبل اجتهاده]
  (مسألة:) لا خلاف في أن المجتهد ممنوع عن التقليد إذا اجتهد فأداه اجتهاده إلى حكم، واختلف (في تقليده) لمجتهد آخر (قبل اجتهاده)(١) على أقوال، أولها: (المنع) مطلقاً(٢)، وهذا قول الأكثر، وهو الجديد من مذهب الشافعي؛ لأن الاجتهاد أصل التقليد، والأخذ بالفرع مع القدرة على الأصل لا يجوز كما في الوضوء والتيمم، ولقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا}[الحشر: ٢]، فإنه يعم الاجتهاد، وترك العمل به في العامي لعجزه، وللقياس على التقليد في الأصول بجامع القدرة على الاحتراز عن الضرر المحتمل، ولا يفرق بأن المطلوب هنا الظن، وهو يحصل بالتقليد؛ لأن المطلوب الظن الأقوى، وهو متمكن منه. ولا ينقض بقضاء القاضي(٣) حيث لا يجوز خلافه؛ لأن ذلك عمل بالدليل الدال على أنه لا ينقض لا بالتقليد(٤).
  (و) ثانيها: (الجواز مطلقاً) أي: سواء كان الغير صحابياً أو لا، وأعلم منه أو لا، إلى آخر الأقوال؛ وذلك لعدم علمه به الآن وهو مذهب أحمد وإسحاق بن راهويه وسفيان ورواية عن أبي حنيفة.
(قوله): «وترك العمل به» أي: بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا}[الحشر: ٢] في العامي ... إلخ، وهذا جواب سؤال.
(قوله): «وللقياس على التقليد في الأصول» عطف على قوله: لأن الاجتهاد أصل، يعني ولقياس عدم جواز تقليد المجتهد في الفروع على عدم جواز تقليده في الأصول، وهذا اتفاق بين الخصمين.
(قوله): «ولا ينقض» أي: الدليل الدال على عدم جواز تقليد المجتهد لغيره «بقضاء القاضي» فإن المجتهد لا تجوز له مخالفته، بل يتعين عليه العمل به.
(١) أي: قبل النظر في المسألة بعد ما صار مجتهداً.
(٢) سواء كان المجتهد الآخر صحابياً أم لا، أعلم منه أم لا، راجحاً أم لا.
(٣) فإن قيل: ينتقض هذا بحكم الحاكم حيث لا يجوز للمجتهد مخالفته لو خالف ظنه، فيصير المجتهد مقلداً للحاكم، قلنا: ذلك من المجتهد عمل بالدليل على أنه لا يجوز نقض حكم الحاكم بالاجتهاد، لا بالتقليد. (سحولي).
(٤) أي: لا عمل بالتقليد.