هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)

صفحة 15 - الجزء 3

الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)

  (المجمل) في اللغة: المجموع، من قولهم: أجمل الحساب إذا جمعه، ومنه: المجمل في مقابلة المفصل، وأصله من الْجَمْلِ بمعنى الجمع، ومن معانيه اللغوية: الإبهام، يقال: أجمل الأمر بمعنى أبهمه.

  وفي الاصطلاح: (ما دلالته غير⁣(⁣١) واضحة) فقوله: «ما» كالجنس، وإنما لم يقل «لفظ» ليعم القول والفعل⁣(⁣٢)، فلا يبطل عكس الحد بالفعل⁣(⁣٣) فإنه قد يكون مجملاً، كقيام النبي ÷ من الركعة الثانية من غير جلوس للتشهد الأوسط؛ لتردده بين التعمد الدال على جواز ترك الجلسة الوسطى وبين السهو الذي لا دلالة له على الجواز.

  وقوله: «دلالته» يفيد أن له دلالة، فيخرج المهمل؛ إذ لا دلالة له، وقوله: «غير واضحة» يخرج المبين؛ لوضوح دلالته.

  (و) المجمل (قد يكون) إجماله⁣(⁣٤) (في مفرد) إما (أصالة⁣(⁣٥)، كعين على رأي) يعني أنه قد يكون في المشترك كالعين المترددة بالأصالة بين المختلفين، والقرء المتردد بين الضدين، على رأي القائلين بامتناع تعميم المشترك.


(١) ينظر ما وجه عدوله عن عبارة المختصر؟ في شرح ابن جحاف: ولم يقل: ما لم تتضح دلالته؛ لأنه يصدق على المهمل؛ لأن قولنا: دلالته غير واضحة موجبة يلزم فيها وجود الموضوع فلا يصدق على المهمل، وقولنا: لم تتضح دلالته سالبة لا يلزم فيها وجوده.

(٢) والمشترك والمتواطي إذا أريد به واحد من أفراده لا الحقيقة. (فصول بدائع).

(٣) قال المنصور عبدالله بن حمزة: مثل أن يصوم أو يصلي فإن صومه أو صلاته يحتمل الوجوب والندب فكان مجملاً، قلت: وهذا ثابت في كل فعل أو ترك لا يعلم وجهه. (حاشية فصول).

(*) وكذا الترك والقياس والتقرير، ذكره في الفصول، وقال في المعيار مختصر الحاوي: لا يكون الإجمال إلا في القول والفعل، فأما الاستنباطات والتقريرات فلا مدخل له فيها بحال، فينظر في ذلك. (حاشية فصول).

(٤) يجري في هذا التركيب ما جرى في قول ابن الحاجب: التقدير فيما تعذر كما ذكره الرضي تأمل.

(٥) أي: بوضع اللغة.