[المنطوق]
[تقسيم آخر للمنطوق إلى نص وظاهر ومجمل ومؤوَّل]
  وقوله: (وأيضاً) إشارة إلى أن للمنطوق تقسيماً آخر، وهو: أن المنطوق (إن أفاد معنى لا يحتمل(١) غيره فنص)(٢) هذا معناه الاصطلاحي، فهو مقابل الظاهر.
(قوله): «فنص» ظاهر كلام المؤلف # هنا عدم إثبات النص الخفي كما هو مذهب بعض العلماء، فإنه ذكر في الفصول أن التهامي والغزالي والطبري قصروا النص على الجلي، وكذا ذكر في حواشي الفصول في بحث الاجتهاد أنه لا واسطة عند بعضهم في السمعيات، فادعى أن السمعي إن كان جلياً فهو ضروري، وإلا فهو ظني، قال في حواشي الفصول: والمذهب أن بينهما منزلة قطعية خفية، وهو ما عبرنا عنه بالنص الخفي، قال في الفصول: وهو اللفظ الدال على معنى لا يحتمل غيره بالنظر لا بضرورة الوضع. وقد استشكل في حواشيه الفرق بينه وبين الظاهر، وحاصل ما أجاب به أن الظاهر يحتمل أن يراد به أحد المعنيين لا كلاهما معاً، بخلاف النص الخفي فإنه مقطوع بإرادة المعنى المراد منه؛ =
(١) ناقش في هذا العلامة الجلال في شرحه للمختصر وقال: إنه يصح التجوز به أي: النص عن لازمه، فهو محتمل لمجازه، كالعشرة فإنها نص في تلك المرتبة من العدد ويحتمل التجوز بها عن السبعة كما تقدم في الاستثناء، والحاصل أن دلالة النص الخاص عنده ليست بقطعية لاحتمال التجوز. اهـ قال في الورقات وشرحها: والنص: ما لا يحتمل إلا معنى واحداً كزيد في رأيت زيداً، قال في شرح جمع الجوامع: فإنه مفيد للذات المشخصة من غير احتمال لغيرها. اهـ ولقائل أن يقول: إن أريد من غير احتمال لغيرها حقيقة فالظاهر كذلك، أو مجازاً فهو ممنوع؛ بناء على أن المجاز يدخل الأعلام، وقد سبق بيانه اهـ بلفظهما، والشرح شرح ابن قاسم لها، ولشرحها للمحلي. وقد سبقهما إلى هذا الإمام الرازي حيث قال في المحصول: إن العلم بمقصود المتكلم إنما يحصل بالقرائن؛ لأن أصرح الألفاظ النص، وهو محتمل لأمور كثيرة كالتحريم للنسخ والتجوز والاشتراك والإضمار والتخصيص وغير ذلك وغاية ما يقول المستدل: إن هذه الأمور منتفية عن النص، لكن دليله على ذلك عدم الوجدان، وهو ظني، وأجاب عن هذا بأنا قد نعلم بعض المقاصد بالضرورة الصادرة عند القرائن التي لا ترتفع بالشك. اهـ وقد نقل كلامه هذا السيد محمد بن إبراهيم في بحث الموضوع من تنقيح الأنظار.
(*) ونص كل شيء منتهاه، فإذا ظهرت دلالة اللفظ على المعنى بحيث لا يتطرق إليه احتمال كان منتهى الدلالة وغايتها فسمي نصاً. (ورقات). والله أعلم.
(٢) في بعض الحواشي ما لفظه: قاعدة شريفة: مورد النص إذا احتمل معنى مناسباً يحتمل أن يكون مقصوداً في الحكم لا يترك، ومن هنا نقول: لا يقوم حلق الإبط مقام نتفه بناء على أن المقصود التنظيف؛ لأن النتف يضعف الشعر فتخف به الرائحة، بخلاف الحلق، وذلك معنى ظاهر لا يهمل للقاعدة المشار إليها، نبه عليه ابن دقيق العيد. (من شرح البخاري).