هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في بيان حجية تقريراته ÷]

صفحة 78 - الجزء 2

  يكون الوقت موسعاً، (و) أما (بعده) أي: بعد الفعل من الأمة فالحكم أنه (لا تعارض) في حقهم سواء تأخر القول أو الفعل؛ إذ التقدير عدم دليل التكرير، فلا يثبت الفعل على وفق الدليل إلا مرة، وقد وجد فلا ينسخ (فإن جهل) المتأخر (فالقول) هو المختار من المذاهب الثلاثة (لما تقدم) من الوجوه المرجحة له على الفعل.

[مسألة في بيان حجية تقريراته ÷]

  مسألة: في بيان حجية تقريراته ÷ والخلاف فيها.

  ولنلخص أولاً محل النزاع فنقول: (إذا علم الرسول # بفعل) صدر عن مكلف سواء فعله بين يديه أو لا فلا يخلو: إما أن يكون مما علم أنه منكر له وترك إنكاره في الحال لعلمه بأنه علم منه ذلك وبأن الإنكار لا ينفع في


(قوله): «وذلك بأن يكون الوقت موسعاً» إذ لو كان مضيقاً لم يصح تعارض القول والفعل؛ لأنه إن تقدم الفعل كصيام يوم معين فإن فعل ÷ ضده في أثناء الوقت كان نسخاً قبل التمكن، وإن فعله بعد خروجه فلا حكم لفعل الضد، وإن تقدم القول نحو «الصيام واجب في يوم كذا» لم يصح الترك في أثنائه؛ لأنه نسخ قبل التمكن، وبعده لا حكم له، وكذا إن تقدم القول وكان نهياً نحو: «لا تصوموا يوم كذا» فإنه لا يصح؛ لأنه إن فعل الصيام في ذلك الوقت كان نسخاً قبل التمكن من الترك، وإن فعله بعد خروج الوقت فلا حكم له.

(قوله): «فإن جهل المتأخر فالقول» لم يشترط المؤلف # مع الجهل ما تقدم من كون المتأخر قبل صدور الفعل من الأمة لأن التأخر لا يظهر مع الجهل⁣[⁣١]، وأما السعد فقد عمم حيث قال: ولا يخفى أن كون المتأخر ناسخاً والمذاهب الثلاثة عند الجهل في حق الأمة إنما يكون قبل الإتيان بمثل فعل النبي ÷، فتأمل، والله أعلم.

(قوله): «إذا علم الرسول ÷ بفعل» الذي في الفصول: إذا علم بأمر. وهو أعم؛ إذ يشمل القول والترك، وكأن المؤلف # أراد بالفعل ما يعم القول، وكذا الترك بناء على أنه فعل.

(قوله): «لعلمه بأنه علم منه ذلك» أي: كونه منكراً له، وهذا التعليل كما في شرح المختصر، وقد تضمن الإشارة إلى شرطين: الأول: أن يعلم المكلف كونه ÷ منكراً له. والثاني: أن يعلم النبي ÷ أن المكلفين قد علموا ذلك. أما الأول فقد أفاده المتن، ووجهه ظاهر، وأما الثاني فلم يذكره # في المتن، وكذا ابن الحاجب، ووجهه أنه ÷ إذا لم يعلم علم المكلفين بذلك لم يجز سكوته، بل يجب تعريف المكلفين بأنه منكر.

(قوله): «وبأن الإنكار لا ينفع» أي: لا يؤثر لكون الفاعل من أهل التصميم على ما فعل، وهذا الشرط قد عطفه # بالواو إذ لا بد منه مع ما قبله، فلا وجه للتصويب بأن الأولى ألف التخيير.


[١] يقال: إنه يكفي في إبطال المعارضة أو إتيانها تحقق تقدم صدور فعل الأمة أو تأخره على المتأخر من فعله أو قوله في الجملة؛ إذ تحققهما ليس بمجهول وإن جهل تاريخ قوله ÷ وفعله، وأيضاً مع اختيار تأخر القول كأن لا جهل. (حسن بن يحيى عن خط العلامة أحمد بن محمد).