هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]

صفحة 406 - الجزء 2

[خبر الواحد فيما تعم به البلوى]

  مسألة: اختلف في حكم (خبر الواحد) إذا ورد (فيما تعم⁣(⁣١) به البلوى) أي: فيما تمس إليه الحاجة في عموم الأحوال، وذلك (كالوضوء من مس الذكر) فإنه روي عن بُسْرة بنت صفوان أن النبي ÷ قال: «من مس ذكره فليتوضأ» أخرجه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم، والصحيح أنه (مقبول⁣(⁣٢)) وهو قول الأكثر (خلافاً لبعض الحنفية) كالشيخ أبي الحسن الكرخي وأبي عبدالله البصري.


(قوله): «فيما تعم به البلوى» قد مر تفسيره.

(قوله): «مقبول» وإنما لم يعمل أصحابنا بحديث مس الذكر لمعارضته بحديث طلق: «ألا إنما⁣[⁣١] هو بضعة منك» أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن حبان، وتعضده روايات أخر عن علي كرم الله وجهه.


(١) قال في تحرير ابن الهمام ما لفظه: مسألة: خبر الواحد فيما تعم به البلوى، أي: يحتاج الكل إليه حاجة متأكدة مع كثرة تكرره. اهـ المراد.

(٢) قال في شرح الفصول: فإن قلت: إذا كان ذلك رأي أئمتنا فما بالهم لا يتوضأون من مس الذكر؟ قلت: لأنه عارضه حديث طلق بن علي قال: قال رجل: مسست ذكري، أو قال: الرجل يمس ذكره عليه وضوء؟ فقال النبي ÷: «لا، إنما هو بضعة منك» أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن حبان. قال ابن المديني: وهو أحسن من حديث بسرة، وتعضده روايات أخر عن علي #، وأيضاً فأجمعت الآل على أن مسه لا ينقض الوضوء. اهـ منه. ومثله في شرح الغاية لجحاف.

[ومن هذه الآثار: ما أورده في المعجم الكبير للطبراني (٩/ ٢٤٧ وما بعدها) يرويها عن عبدالله بن مسعود، وآخر عن علي # وابن مسعود وحذيفة وعمران بن حصين ورجل آخر قال بعضهم: «ما أبالي ذكري مسست أو أرنبتي» وقال الآخر: «أذني»، وقال الآخر: «فخذي» وقال الآخر: «ركبتي». وفي الموطأ (١/ ٣٥ وما بعدها) عن محمد: «لا وضوء في مس الذكر» وذكر أنه قول أبي حنيفة، ومن رواية قيس بن طلق عن أبيه: «هل هو إلا بضعة من جسدك»، وعن ابن عباس: «ما أبالي مسسته أو مسست أنفي» «ليس في مس الذكر وضوء»، وكذلك عن سعيد بن المسيب، وعن ابن عباس: «إن كنت تستنجسه فاقطعه!» ومثله عن ابن مسعود، وعن علي #: «ما أبالي مسسته أو طرف أنفي»، وغيرها، وفي سنن ابن ماجه (١/ ١٦٣ وما بعدها) بألفاظ متعددة، وكلهم يذكر روايات الوضوء من مس الذكر ثم يعقبها بروايات الرخصة في ذلك وفي صحيح ابن خزيمة عن مالك قال: =


[١] في شرح الفصول: لا إنما هو ... إلخ، أخرجه أحمد ... إلخ. (ح عن خط شيخه).