(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
(الباب السادس من المقصد الرابع في) مباحث (الناسخ والمنسوخ)
  وهو مما يشترك فيه الكتاب والسنة لا غير. ويشتمل على مقدمة ومسائل، أما المقدمة ففي بيان معنى النسخ، فنقول:
  (النسخ) في اللغة يستعمل بمعنى الإزالة، وبمعنى النقل. قال ابن فارس(١): كل شيء خلف شيئاً فقد نسخه، يعني سواء أزاله أم لم يزله، ومن الأول: تناسخ الأزمنة والقرون، ونسخت الشمس الظل(٢)، والشيب الشباب. ومن الثاني: تناسخ المواريث(٣) والأنفس(٤) عند القائلين به، ونسخت النحل(٥) من خليَّة إلى خليَّة أخرى؛ فيكون للقدر المشترك(٦).
  وذهب القاضي أبو بكر ومن تابعه كالغزالي وغيره إلى أنه مشترك(٧) بين الإزالة والنقل، متمسكين بأنه أطلق عليهما، والأصل في الإطلاق الحقيقة. وهو معارض بلزوم الاشتراك الذي هو خلاف الأصل.
(قوله): «قال ابن فارس: كل شيء خلف شيئاً فقد نسخه» ينظر في صدق هذا على نسخت النحل[١] من خلية [إلى خلية أخرى]، فإن الخالف للخلية الأولى هي الخلية المنقول إليها، وليست بناسخة للنحل.
(قوله): «للقدر المشترك» وهو كون الشيء خالفاً لغيره.
(١) هو أحمد بن فارس، صاحب الجمل في اللغة.
(٢) لأنها تخلفه شيئاً فشيئاً. (فصول بدائع).
(٣) وهو انتقال المال من وارث إلى وارث. (جلال). ومثله في العضد.
(٤) لأنه نقل من بدن إلى بدن. (عضد).
(٥) المنقول النحل بالحاء المهملة.
قال السجستاني: النسخ أن يحول ما في الخلية من النحل والعسل إلى خلية أخرى. خلية النحل: معروفة، والجمع خلايا، وتكون من طين أو خشب، وقال الليث: هي من الطين كوراة بالكسر. (مصباح).
(٦) أي: هو مشترك معنوي لأنه للحقيقة المشتركة بين المعنيين. اهـ والله أعلم.
(٧) أي: لفظي.
[١] الظاهر أنه وارد على نسخ المواريث والأنفس أيضاً فتأمل. (ح عن خط شيخه).