هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[المسلك الثالث: السبر والتقسيم]

صفحة 417 - الجزء 3

[المسلك الثالث: السبر والتقسيم]

  (ومنها) أي: من طرق العلة (السبر⁣(⁣١) والتقسيم) وهو المسلك الثالث (وهو حصر أوصاف الأصل) الموجودة فيه الصالحة للعلية في بادئ الرأي ومعرفتها بأعيانها (ثم إبطال بعضها) وهو ما عدا الذي يدعى أنه علة (بدليله) أي: بدليل الإبطال، وسيجيء بيان طرقه، فالحصر عند التحقيق راجع إلى التقسيم،


(قوله): «حصر أوصاف» يعني في عدد معين «في بادئ الرأي» فيندفع بهذا ما يقال: صلوح الأوصاف للعلية مع إبطال البعض متناف، ووجه الدفع أن عدم صلوح البعض إنما هو بعد النظر والتأمل.

(قوله): «ومعرفتها بأعيانها» عطفه على الحصر مشعر بأنه كالتفسير له، ولم يذكره في شرح المختصر.

(قوله): «فالحصر عند التحقيق راجع إلى التقسيم ... إلخ» إن قيل: فينبغي أن يقال: التقسيم والسبر ليوافق ترتيب اللفظين ترتيب معنييهما، قلنا: أجيب بكلام نسب إلى ابن أبي شريف أن مجموع اللفظين عَلَم للمسلك، فهو مفرد لا نظر فيه إلى ترتيب انتهى. وأما الجواب بأن الواو لمطلق الجمع فربما يمنع؛ لأن المراد التقدم في اللفظ.


(١) في كون هذا الطريق يفيد ظن العلية نظر، ولم يعده صاحب التنقيح طريقاً، وكذلك تنقيح المناط، وقال يعني صاحب التنقيح: علماؤنا لم يعتبروهما، وقال: على تقدير قبولهما يرجعان إلى النص أو الإجماع. اهـ ووجه النظر أنه إما أن يراد بكون الأوصاف صالحة ظن العلية رجع الطريق إلى المناسبة والإخالة، وحينئذ يرجح بين تلك الأوصاف مع التنافي، ومع عدمه يصح كل منها على الصحيح من جواز تعدد العلل، وإما أن يراد بكونها صالحة أي: ببادي الرأي دون التحقيق ثم نبطلها إلا واحداً بحسب التحقيق فيقال: قد جعلتم من طرق الإبطال عدم ظهور المناسبة، فهل ظهرت المناسبة في المستبقى بحسب التحقيق رجع إلى المناسبة؟ أم لم تظهر بل اكتفى بما كان عليه من المناسبة ببادي الرأي فقد فرضنا أن تلك الصلوحية لا تفيد ظن العلية؟ وسيأتي في الطرد والعكس زيادة بيان لهذا. فإن قلت: تجدد للمستبقى حصول ظن العلة بعد إبطال سائر الأوصاف وإن لم تظهر مناسبة؛ لئلا يخلو الحكم عن العلة، قلت: فهل توجبون قبل السبر لزوم ظهور تعليل الحكم المعين في الجملة والسبر إنما هو لتعيين العلة؟ إن لم توجبوه فلعل هذا الحكم مما لا يلزم ظهور علته، وإن أجبتموه فإما في نفس الأمر كما هو قول مثبتي الحكمة، وهو حق قطعاً لكن لا يلزم منه ظهورها لنا، وإما أن توجبوا ظهورها لنا فهلم دليلا، والأدلة الآتية إنما تقتضي اللزوم بحسب نفس الأمر، وسنبين ذلك قريباً. (من نجاح الطالب للمقبلي).