[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  (و) منه (ما يخرج غيره) أي: غير المذكور في الكلام (وهو) ثلاثة: أحدها: (الشرط) مثل: «أكرم الناس إن كانوا علماء» (و) الثاني: (الصفة) مثل: «أكرم الناس العلماء» (و) الثالث: (بدل البعض) مثل: «أكرم الناس العلماء منهم»، فإنه يخرج الجهال فيها جميعاً، وهو غير مذكور في الكلام.
مسائل المتصل
  هذا شروع منه في الكلام على القسم الأول، وهو المخصص المتصل، وقدم منه الاستثناء فقال:
[الاستثناء]
  (مسألة:) الاستثناء ينقسم إلى متصل ومنقطع؛ لأنه إن كان المستثنى بعض المستثنى منه فالاستثناء متصل، وإلا فهو منقطع(١)، ولا مدخل للمنقطع في التخصيص(٢)، ولا يعرف خلاف في صحته لغة، وإنما (اختلف في كون الاستثناء
(١) في تنقيح الفصول في علم الأصول: قال أبو العباس أحمد بن أبي زكريا إدريس الصنهاجي: وهو - يعني الاستثناء - ينقسم إلى الإثبات والنفي والمتصل والمنقطع، وضبطهما مشكل، فينبغي أن تتأمله؛ فإن كثيراً من الفضلاء يعتقد أن المنقطع عبارة عن الاستثناء من غير الجنس، وليس كذلك؛ فإن قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}[الدخان: ٥٦] منقطع على الأظهر مع أن المحكوم عليه بعد «إلا» هو بعض المحكوم عليه أولاً ومن جنسه، وكذلك قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً}[النساء: ٢٩] منقطع مع أن المحكوم عليه بعد «إلا» هو عين الأموال التي حكم عليها قبل «إلا». بل ينبغي أن يعلم أن المتصل عبارة عن أن تحكم على جنس ما حكمت عليه أولاً بنقيض ما حكمت به أولاً، فمتى انخرم قيد من هذين القيدين كان منقطعاً، فيكون المنقطع هو أن تحكم على غير جنس ما حكمت عليه أو على جنسه بغير نقيض ما حكمت به أولاً، وعلى هذا يكون الاستثناء في الآيتين منقطعاً؛ للحكم فيهما بغير النقيض، فإن نقيض: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ}: يذوقون فيها الموت، ولم يحكم به، بل بالذوق في الدنيا، ونقيض: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}: كلوها بالباطل، ولم يحكم به، وعلى هذا الضابط يخرج جميع أقوال العلماء في الكتاب والسنة ولسان العرب.
(٢) ينظر في ذلك؛ فإنهم قد عدوا الاستثناء في قراءة الرفع من قوله: {إِلَّا امْرَأَتَكَ}[هود: ٨١] بتقدير الجملة منقطعاً، وكذلك في قراءة: {فشربوا منه إلا قليلٌ} حيث قدر لم يشربوا فهو من المنقطع، ويفيد التخصيص كما ترى، والله أعلم. والجواب: أنه بعد تقدير ما بعد «إلا» جملة يصير تخصيصاً بالمنفصل، حتى لو كان مثل هذا في الاستثناء المتصل نحو أن يقال: «جاءني القوم لكن زيداً لم يجيء» لخرج عن التخصيص المتصل وكان من المنفصل، فلا اعتراض فافهم. (من فوائد السيد العلامة الحسن بن إسماعيل الشامي).