هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل في الخبر المعلوم صدقه]

صفحة 263 - الجزء 2

  الآحاد فلا تفيد علماً قطعياً.

  وأما في حالة الاجتماع فتفيد علماً قطعياً بالقدر المشترك كالشجاعة والسخاوة المطلقتين، ولا تفيد علماً قطعياً بخصوصية شيء من جزئيات الشجاعة والسخاوة؛ لأنها باعتبار القدر المشترك من جملة الأخبار المتواترة، وباعتبار الخصوصيات من جملة أخبار الآحاد، فتأمل.

[ذكر ما اختلف في العلم بصدقه من الأخبار]

  والثالث مما اختلف في العلم بصدقه قوله: (ومنه⁣(⁣١)) عند الأكثر (خبر الواحد إذا أجمع على العمل بمقتضاه) أي: وقع الإجماع من الأمة أو من العترة على العمل به وأخذ الحكم عنه، وذلك (للعصمة) للأمة والعترة (عن الخطأ) فلو كان كذباً لكانوا مخطئين في الاستناد إليه.

  (وقيل:) إنما يعلم صدقه (مع الحكم) من أهل الإجماع (بصحته) لعصمتهم عن الخطأ في الأحكام، بخلاف العمل بمقتضاه فيجوز أن يكون العمل حقاً وله دليل لم يطلعوا عليه. ويلزم منه تخطئتهم في الاستناد.

  لا يقال: فيلزم أن لا يجوز إحداث دليل؛ لأنه يقال: يجوز تعدد الأدلة، فلا تستلزم صحة دليل فساد آخر موافق له في الحكم.


(١) و (قوله): «لأنها باعتبار القدر المشترك ... إلخ» علة لإفادتها القطع حال الاجتماع وقوله: (وباعتبار الخصوصيات) علة لعدم إفادتها القطع بالخصوصيات. ولخفاء الفرق في حال الاجتماع بين إفادتها القطع بالقدر المشترك وعدم إفادتها القطع بالخصوصيات أمر بالتأمل، والله أعلم.

(قوله): «وله دليل لم يطلعوا عليه» أي: له دليل صحيح لم يطلعوا عليه واستندوا إلى دليل موافق له لكن سنده ضعيف مثلاً.

(قوله): «ويلزم» هذا الإلزام جواب عن قولهم: وله دليل لم يطلعوا عليه.

و (قوله): «في الاستناد» أي: إلى غير الدليل الصحيح.

(قوله): «لا يقال ... إلخ» هذا اعتراض⁣[⁣١] على هذا الإلزام.


(١) قلت: لم يذكر صاحب الفصول هذا القسم، وكأنه جعله من المتلقى بالقبول كما هو مقتضى تفسيره المتلقى بالقبول بما حكم بصحته المعصوم، والله أعلم. (من خط السيد صلاح الأخفش ¦).


[١] الظاهر أنه اعتراض على أهل القول الأول لا على الإلزام. (ح قال: اهـ شيخنا المغربي دامت إفادته).