[الكلام فيما اتفق عليه أهل المدينة من الصحابة والتابعين]
  استقصاء مخرجيه وطرقه تطويل لا يليق بهذا الكتاب(١)، ونحوه حديث السفينة، وما ذكرنا كاف في تحصيل المطلوب.
  احتج النافون لحجية إجماع أهل البيت $ بإجماع الصحابة، وتقريره أن كثيراً من الصحابة خالفوهم في كثير من المسائل ولم ينكر عليهم أحد، ولو كان قولهم حجة لأنكر ولو نادراً.
  (و) الجواب: أنا (لا نسلم إجماع الصحابة على أنه ليس بحجة) وترك الإنكار إن سُلِّم لا يفيد؛ لجواز أن يكون لعذر، ولو سلم فغايته إفادة الظن؛ لكونه إجماعاً سكوتياً، والظن يضمحل إذا قابله قاطع.
[الكلام فيما اتفق عليه أهل المدينة من الصحابة والتابعين]
  مسألة: اختلف فيما اتفق عليه أهل المدينة من الصحابة والتابعين، فنقل عن مالك أنه كان يرى اتفاقهم حجة، ولما كانت هذه المقالة ضعيفة اعتذر عنه بعض أصحابه بأن هذا النقل ليس محمولاً على ظاهره، بل على أن روايتهم مقدمة على رواية غيرهم(٢)؛ لكونهم أقرب إلى رسول الله ÷ وأولى بالحفظ وأعرف من غيرهم بمواقع الأخبار وتواريخها.
  وآخرون بأنه(٣) حجة في المنقولات المستمرة - كالأذان والإقامة والصاع والمد - دون غيرها، حتى إنهم لو أجمعوا على كون الإقامة فرادى(٤) وجب على الكل اتباعهم.
  وقال آخرون ومنهم ابن الحاجب(٥): إنه على ظاهره، وإنه حجة في جميع الأحكام.
(١) وقال الأصفهاني في شرح مختصر المنتهى: إن الخبر آحادي. اهـ لأن جميع طرقه ترجع إلى زيد بن أرقم، وإن جاء عن غيره فلم يبلغ حد التواتر فينظر، والمهدي ذكر في منهاجه أنه ظني، والله أعلم. قلت: قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث دخل في حد التواتر. وعده السيوطي في المتواترات. اهـ وفي حاشية: قد عرفت أن المصنف هنا ذكر عشرين من الصحابة أخرجه عنهم الأئمة، فخفاء التواتر على بعض العلماء غير قادح. (من خط سيدي العلامة عبدالقادر بن أحمد |).
(٢) وقد أشار إليه الشافعي في القديم، ورجح رواية أهل المدينة على رواية غيرهم. (زركشي).
(٣) في المطبوع: بأنها.
(٤) أي: ألفاظ الإقامة في الصلاة فرادى لا مثنى.
(٥) والأبهري من أصحاب مالك.