[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  (و) أجيب: بأنه (لا تحكم) لأنه ممنوع (لأن الظاهر أقوى) في دلالته من المضمر؛ لتوقف الثاني على الأول من غير عكس، وإذا كانت دلالته أقوى كان عدم مخالفته أحرى.
  واعلم أنه قد يعبر عن هذه المسألة بما هو أعم من عود الضمير على بعض ما يتناوله العام بأن يقال: تعقيب العام بما يكون مختصاً ببعضه هل يقتضي تخصيصه أم لا؟ سواء كان ذلك ضميراً كما سبق، أو استثناءً كقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ..}[البقرة: ٢٣٦]، إلى قوله تعالى: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}[البقرة: ٢٣٧]، فإن لفظ النساء في أول الآية يشمل الصغيرة والمجنونة، والعفو يختص المالكات لأمورهن.
  أو أمراً(١) يختص ببعض أفراد العام، مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١]، ثم قال: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ١}[الطلاق]، أي: رغبة في مراجعتهن، ومعلوم أن ذلك يختص بغير البوائن، هكذا قرر هذه المسألة أبو الحسين البصري في المعتمد والرازي في المحصول وغيرهما، وجعلوا الخلاف فيها واحداً.
[التخصيص بمقدر مخصوص في المعطوف]
  (و) منها: أنه (لا) يجوز التخصيص (بمقدر مخصوص(٢) في المعطوف) فإذا كان في المعطوف(٣) عام مقدر وقد دل دليل على تخصيصه لم يجب أن يكون العام المذكور في المعطوف عليه مخصصاً بذلك التخصيص، وهو اختيار أصحابنا والشافعية. وقالت الحنفية: يجب أن يكون العام المذكور في المعطوف عليه مخصصاً كالمعطوف(٤).
(١) من الأمور، مثل الرغبة فيما مثل به.
(٢) وفي نسخة: مخصص بالفتح (نظام فصول للجلال).
(٣) ففي مثل: «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده» قد كان في المعطوف وهو ولا ذو عهد إلخ عام مقدر، وهو قوله: بكافر المقدر كما ذكرته الحنفية، وقد دل دليل على تخصيصه، وهو الإجماع على قتل المعاهد بمثله وبالذمي، فلم يبق إلا الكافر الحربي، ولا يلزم من هذا التخصيص في المعطوف التخصيص في المعطوف عليه.
(٤) فتستفيد الجملة الثانية من الأولى التقدير، وتستفيد الجملة الأولى من الثانية التخصيص عند الحنفية، قال ابن أبي الخير: فخالفونا في الطرفين. (حاشية فصول [والتصحيح منها]).