[حكم إطلاق اللفظ على معنييه الحقيقي والمجازي]
[حكم إطلاق اللفظ على معنييه الحقيقي والمجازي]
  مسألة: في إطلاق اللفظ الواحد على معناه الحقيقي ومعناه المجازي وبيان الخلاف في صحته.
  واعلم(١) أنه لا نزاع في جواز استعمال اللفظ في معنى مجازي يكون المعنى الحقيقي من أفراده، كاستعمال الدابة عرفاً فيما يدب على الأرض، وفي امتناع استعماله في المعنى الحقيقي والمجازي بحيث يكون اللفظ بحسب هذا الاستعمال حقيقة ومجازاً.
(قوله): «في معنى مجازي» شامل للمعنى الحقيقي والمجازي، ويسمونه عموم المجاز، وهذا هو معنى قوله: يكون المعنى الحقيقي من أفراده، والفرق بين هذا وبين ما هو محل النزاع أن المعنيين فيما هو محل النزاع كل واحد منهما مراد ومناط الحكم بخلاف هذا، وسيأتي التصريح بهذا في جواب قوله #: فإن قلت ... إلخ، وقد سبق نظيره في المشترك.
(قوله): «بحيث يكون اللفظ بحسب هذا الاستعمال حقيقة ومجازاً» قال في التلويح واعتمده الشيخ العلامة في شرح الفصول: أما إذا اشترط في المجاز قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له فظاهر، وأما إذا لم يشترط فلأن اللفظ موضوع للمعنى الحقيقي وحده، فاستعماله في المعنيين استعمال في غير ما وضع له، فعلى تقدير صحة هذا الاستعمال فهو مجاز بالاتفاق.
قلت: ويتأمل في قوله: وأما إذا لم يشترط ... إلخ فإنه قد اعترضه بعضهم بأن اللفظ إذا كان مجازاً لم يكن بد من القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي، فإما أن تصرف عن نفس المعنى الحقيقي فلا يكون مراداً، وإما عن وحدته، فيدل على أن وحدته معتبرة في الوضع ومعدودة من جملة المعنى الموضوع له، فإرادته بدون وحدته ليست إرادة المعنى الحقيقي.
ويمكن أن يجاب باختيار أن القرينة صارفة عن وحدة المعنى الحقيقي، بمعنى أنها تدل على أنه ليس هو المراد وحده، ولا يلزم من هذا دخول الوحدة في الموضوع له، بل المتبادر من إضافة الوحدة إلى ضمير المعنى الحقيقي خروجها عنه.
(١) قوله: (واعلم ... إلخ) هذا التقسيم أصله الذي نقل منه في العضد والجواهر، لكن المؤلف # زاد عليهما الاتفاق وعدمه، مع أن ما في حاشية ابن أبي شريف على جمع الجوامع مخالف له حيث قال: قوله: وفي الحقيقة والمجاز الخلاف في المشترك، أي: فالبيانيون وغيرهم كالحنفية على المنع، فلا يصح عندهم إطلاق اللفظ على معنييه الحقيقي والمجازي لا حقيقة ولا مجازاً. قال المصنف في شرح المختصر: وقد يقال: إذا استعملت اللفظة في حقيقتها ومجازها فهي حقيقة ومجاز بالاعتبارين، وهذا ما يظهر عند التحقيق، ويجري عليه أسلوب الشافعي ¥، وهو مذهب ابن السمعاني وغيره. اهـ وفي تحرير شيخنا أنه لا خلاف بين المحققين في جوازه على أنه حقيقة ومجاز بالاعتبارين، ولا في جوازه في معنى مجازي يتدرج فيه الحقيقي، ويسمى عموم المجاز، مثل: أن يراد بوضع القدم في قوله: لا أضع قدمي في دار فلان - الدخول فيتناول الدخول حافياً وهو الحقيقة وناعلاً وراكباً. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).