[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  (قلنا:) مذهب الصحابي (ليس بحجة(١)) والعموم حجة، فلا يجوز تخصيص هذا بذاك، وإلا كان تركاً للدليل لغير دليل، وأنه غير جائز.
  قالوا: مخالفة الصحابي تستلزم دليلاً، وإلا لوجب تفسيقه بالمخالفة، وهو خلاف الإجماع، فيعتبر ذلك الدليل وإن لم يكن معروفاً بعينه ويخصص به جمعاً بين الدليلين.
  (و) الجواب: أن (استلزام المخالفة) من الصحابي للعام (دليلاً) إنما هو (في ظنه) وما ظنه مجتهد دليلاً لا يكون دليلاً على مجتهد آخر ما لم يعلمه الآخر بعينه مع وجه دلالته (فلا) يجوز أن (يتبع) ذلك المجتهد فيما اعتبره وخصص به؛ لأنه تقليد من مجتهد(٢).
[التخصيص بالعادة]
  ومنها: العادة (و) المختار أنه (لا) يجوز التخصيص (بالعادة) وهو مذهب الأكثرين خلافاً للحنفية.
(قوله): «وإن لم يكن» أي: دليل الصحابي.
(قوله): «جمعا بين الدليلين» دليل الصحابي والعموم.
(١) يفهم من دليل المنع أن المراد الصحابي الذي قوله ليس حجة، لا ما قام الدليل القاطع على كون مذهبه حجة واجبة لأنه لا يفارق الحق كعلي #، فإن كون مذهبه حجة واجبة الاتباع يوجب تخصيص العموم بمذهبه، وفي الحقيقة التخصيص بمستنده كالإجماع، قال السيد صلاح ¦ عند قول صاحب الفصول: غالباً: احترازاً من أن يكون قول الصحابي حجة كأمير المؤمنين # فيخص العموم، وسيأتي بيان كون قوله حجة إن شاء الله تعالى. (شرح فصول للسيد |).
(٢) وأنه لا يجوز. (عضد).
(*) قالوا دفعاً لهذا الجواب: دليله قطعي؛ إذ لو كان ظنياً لبينه دفعاً للتهمة، والجواب من وجوه ثلاثة: فأولاً: أنه معارض بمثله، فنقول: دليله ظني؛ إذ لو كان قطعياً لبينه دفعاً للتهمة، وأيضاً لو كان قطعياً لم يخف على غيره عادة، وأيضاً لو كان قطعياً لم يجز مخالفة صحابي آخر له، وأنها جائزة اتفاقاً. (من العضد). أقول: هاهنا وجه رابع، وهو أن معرفة كون دليل الصحابي المخصص كان قطعياً إنما يحصل بهذا الدليل الذي ذكرت، وهو على تقدير تمامه إنما يفيد الظن لا القطع، فلم يحصل للمجتهد القطع بتحقق الدليل المخصص، بل إنما يحصل له الظن إجمالاً بأن هاهنا دليلاً، ولو كفى الظن إجمالاً بأن هاهنا دليلاً قطعياً فيكفي الظن إجمالاً بأن هاهنا دليلاً ظنياً؛ إذ لا فرق بينهما بالإجماع، وذلك بأن يقال: الغالب المظنون أن الصحابي العدل العارف لم يخصص ما لم يظهر له دليل مخصص صحيح. والحق أن الاعتقاد بأن هاهنا دليلاً إجمالياً لا يكفي ما لم تحصل معرفته بعينه، وأيضاً ربما ظن دليلاً ظنياً قطعياً وليس كذلك في الواقع، هذا لكن الواقع أن القطعيات محصورة محفوظة لا اختلاف فيها. (ميرزاجان).