هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الخبر وأقسامه]

صفحة 228 - الجزء 2

[فصل: في الخبر وأقسامه]

  (فصل: الخبر) قد يقال بمعنى الكلام المخبر به كما في قولهم: الخبر هو الكلام المحتمل للصدق والكذب، وقد يقال بمعنى الإخبار كما في قولهم: الصدق هو الخبر عن الشيء على ما هو به؛ بدليل تعديته بـ «عن».

  إذا عرفت ذلك فالخبر على كلا المعنيين (صدق وكذب) ولا قسم له ثالث عند الجمهور⁣(⁣١)، وكل خبر لا بد فيه من دلالته على حكم ونسبة في الخارج⁣(⁣٢)، والمراد


(قوله): «وقد يقال بمعنى الإخبار كما في قولهم الصدق هو الخبر عن الشيء ... إلخ» إنما قال: كما في قولهم ... إلخ إشارة إلى ما ذكره في المطول دفعاً لاعتراض صاحب المفتاح على تعريف الخبر بما يحتمل الصدق والكذب بأنه يستلزم الدور؛ لأنهم عرفوا الصدق بأنه الخبر عن الشيء على ما هو به، فيتوقف معرفة الخبر على معرفة الصدق المتوقفة على معرفة الخبر، فأجاب في المطول عن ذلك بأن الخبر المذكور في تعريف الصدق غير الخبر المحدود بالكلام المحتمل للصدق والكذب؛ لأنه في تعريف الصدق بمعنى الإخبار، وفي قولهم: الخبر هو الكلام المحتمل للصدق والكذب بمعنى الكلام. والمراد بالإخبار الإعلام بالنسبة لا الإتيان بالجملة الخبرية، فلا يلزم الدور أيضاً.

(قوله): «وكل خبر⁣[⁣١] لا بد فيه من دلالته على حكم ونسبة في الخارج ... إلخ» قد تقدم في بحث هل يتعلق الخطاب بالمعدوم أن مدلول الكلام اللفظي ليس شيئاً غير الحكم، وهو الإذعان والقبول، وهو العلم، يريد المؤلف # بذلك نفي الكلام النفسي، وهاهنا جعل مدلوله مجموع الحكم والنسبة مع أن النسبة ليست هي الإذعان، ولعله يجاب بأن الدلالة على النسبة من حيث إنه يلزم من الدلالة على الحكم الدلالة عليها لا من حيث نفسها، وقد أشار المحقق الشريف إلى هذا في بحث الذكر الحكمي حيث قال: الإنباء عن النفي والإثبات يستلزم الإنباء عن النسبة قطعاً. وأراد فيما سبق الدلالة على الحكم بغير واسطة، فيكون المعنى فيما سبق أن مدلول الكلام بغير واسطة ليس شيئاً غير الإذعان والقبول، فلا مخالفة، ويؤيد هذا قول المؤلف بعد هذا: ولسنا نريد بالدلالة عليه وجوده، فأرجع الضمير في عليه ووجوده للحكم فقط لا إلى الحكم والنسبة، فتأمل.


(١) لا عند من أثبت الواسطة، وهو الجاحظ ومن قال بقوله.

(٢) ونعني بالخارج ما هو خارج عن كلام النفس المدلول عليه بذلك اللفظ. (عضد).


[١] وفي بعض النسخ ما لفظه: قوله: وكل خبر لا بد فيه من دلالته على حكم ونسبة، لم يذكر هنا متعلق الحكم، وهو النسبة النفسية، ولا بد من ذكرها؛ لأن دلالة الخبر على النسبة الخارجية بواسطة دلالته على النسبة النفسية كما ذكره السعد في الحواشي حيث قال: العبارة تدل على ما في الذهن، وما في الذهن على ما في العين. وسيصرح المؤلف قريباً بالنسبة النفسية التي هي متعلق الحكم حيث قال: أي التصديق والجزم بثبوت نسبته التي اشتمل عليها ... إلخ، واشتمال الخبر عليها من حيث إنه دال كما ذكره الشيخ في حواشي شرح التلخيص، قال في هذه النسخة هنا: صح ملحقاً بخط المصنف |. قال في حاشية على هذه النسخة ما لفظه: هذه الزيادة لم تثبت في كثير من النسخ، وهو الأولى؛ لأنه لم يظهر قوله وسيصرح المؤلف قريباً بالنسبة النفسية، بل الظاهر إنما أراد المؤلف بقوله: ثبوت نسبته إنما هي النسبة التي دل عليها الكلام، فتأمل (ح قال اهـ شيخنا المغربي دامت إفادته).