هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف أصول الفقه]

صفحة 86 - الجزء 1

[تعريف أصول الفقه]

  (أصول الفقه⁣(⁣١): القواعد الموصلة بذاتها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية) أصول الفقه في الأصل⁣(⁣٢) مركب إضافي كما يجيء، ولما احتيج إلى نقل هذا اللفظ عن معناه الإضافي إلى المعنى


(١) فائدة: اعلم أن كل حد لا بد له من أربع علل: العلة المادية، والعلة الصورية، والعلة الفاعلية، والعلة الغائية، مثاله: السرير العلة المادية فيه الخشب، والعلة الصورية فيه الشكل الذي حصلت من آلاته، أعني التربيع، والعلة الفاعلية النجار، والعلة الغائية الجلوس عليه. ومثاله في أصول الفقه: العلة المادية الأصول الأربعة، والعلة الفاعلية المجتهد، والعلة الصورية الوصف الذي جعل للمسألة من الجواز وعدمه، والعلة الغائية ارتفاع الجهل. ومثاله في النحو: الكلمة هي العلة المادية، والهيئة التي حصلت لها من كونها ماضياً أو مضارعاً أو نحو ذلك هي الصورية، والمتكلم علة فاعلية، وعرفان الصحيح من الفاسد علة غائية. ومثاله في علم المعاني والبيان: خواص المعاني علة مادية، وإثباته على حسب مقتضى الحال علة صورية، والمتكلم علة فاعلية، وعرفان الفصيح والبليغ من غيرهما علة غائية. (ح).

(٢) لما كانت أسماء العلوم كالأصول والفقه والنحو تطلق تارة بإزاء معلومات مخصوصة كقولنا: زيد يعلم النحو، أي: يعلم تلك المعلومات المعينة، وتارة بإزاء إدراك تلك المعلومات - اختلفت تعاريف القوم باعتبار اختلاف المعنيين، فمن عرف أصول الفقه بالقواعد الموصلة فباعتبار المعنى الأول، ومن قال: العلم بالقواعد فباعتبار المعنى الثاني، والله أعلم.

(*) قوله: أصول الفقه ... إلخ أقول: في عبارته # إشكال حاصل من الاستفسار عن المراد بالأصل في قوله: أصول الفقه في الأصل ... إلخ، فإنه إن أراد به الأصل في اللغة فاستعمال أهل اللغة لذلك المركب غير مسلم، وإن أراد به الأصل في الاستعمال فلا يخلو: إما أن يريد بالاستعمال استعمال أهل الأصول فالمراد بالأصول أصول الفقه بحسب مصطلحهم كما سيذكره بعد هذا، فلو أريد بالأصل الأصل بحسب اصطلاحهم لكان تكريراً لما يذكره بعد، مع أنه لا يساعده على هذه الإرادة قوله: «جعلوه علماً له على ما عهد في اللغة» وذلك واضح. وإما أن يريد به استعمال أهل الشرع فلا مدخل له في موضع مثل ذلك المركب. وإن أراد بالأصل الأصل قبل التسمية فلا تحقق لمفارقة العلمية له عند إرادة التسمية به لهذا الفن ولا مخلص عن هذا الإشكال. وسببه متابعة ابن الإمام غيره في مثل هذه العبارة من غير نظر إلى ما تنطبق عليه، فهو غلط على غلط، اللهم إلا أن يقال: واضع اللغة وضع المفردات وضعاً حقيقياً، ووضع المركبات وضعاً نوعياً، كما حققه ابن الإمام في بحث الوضع وغيره، وحينئذ يصدق على أصول الفقه أنه من موضوعات صاحب اللغة بهذا الاعتبار، فيتم أن يكون المراد بقوله: «في الأصل» الأصل في اللغة نظراً إلى هذه القاعدة، والله أعلم بالصواب. (محرره أحمد بن محمد بن إسحاق).