هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]

صفحة 730 - الجزء 2

[الشرط]

  مسألة: (الشرط مثل) قوله تعالى: ({فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}⁣(⁣١) [النور: ٣٣]) وهذا هو الثالث من أنواع المخصص المتصل، وهو ما استلزم عدمُه عدمَ أمر مغاير.

  ولا يرد على طرده⁣(⁣٢) جزء السبب، أما إذا كان السبب متعدداً⁣(⁣٣) فلاحتمال أن يوجد المسبَب بسبب آخر، وأما إذا كان متحداً فلأن المراد باستلزام العدم للعدم أن يكون مجرد هذا مستلزماً بالذات لذلك، ومعلوم أن جزء السبب المتحد ليس عدم مسببه بمجرد عدمه، بل لعدمه وعدم تعدد السبب.

  (وهو) أقسام ثلاثة (عقلي وشرعي ولغوي) أما العقلي فكالحياة للعلم، فإن


(قوله): «ما استلزم عدمه عدم أمر» لم يقل عدم المشروط كما في عبارة غيره لئلا يلزم الدور وإن كان قد دفعه⁣[⁣١] في شرح المختصر وحواشيه. ولم يحتج المؤلف # إلى زيادة قوله: على غير جهة السببية كما فعل ابن الحاجب لإخراج جزء السبب اعتماداً من المؤلف # على ما أشار إليه في شرح المختصر وحواشيه لصاحب الجواهر من أن المراد بجزء السبب الجزء المستقل بالسببية بأن يكون للشيء سببان مستقلان في السببية نحو الردة والقتل العمد العدوان في كونهما سببين للقتل، وحينئذ فلا يلزم من عدم جزء السبب كالردة مثلا عدم وجوب القتل؛ لوجود السب الآخر، وقد استبعد السعد هذا الجواب؛ لأن المراد جزء السبب المتحد؛ فلذا قال المؤلف #: وأما إذا كان متحداً كقتل عمد عدوان، فالمراد أن مجرد عدم الشرط مستلزما بالذات ... إلخ، فقول المؤلف #: «أن يكون مجرد هذا» أي: عدم الشرط المتحد «مستلزماً بالذات لذلك» أي: لعدم مسببه⁣[⁣٢].

(قوله): «مغاير» إنما زاده لئلا ينتقض الحد باللازم المساوي المتأخر عن ملزومه طبعاً، فإنه يمتنع أن يكون سبباً لملزومه ولا شرطاً؛ لأن الشرط يجب أن يكون متقدماً على مشروطه طبعاً، والله أعلم.

(قوله): «وعدم تعدد السبب» إذ لو وجد سبب آخر لم يكن عدم جزء السبب مستلزماً لعدم المسبب، فإذا وجدت الردة لم يكن عدم جزء السبب الآخر وهو القتل مستلزماً للعدم.


(١) قال ابن السبكي: والمختار ما ذكره القرافي آخراً، وهو أن الشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، قال: فالقيد الأول احتراز من المانع، فإنه لا يلزم من عدمه شيء، والثاني من السبب، فإنه يلزم من وجوده الوجود، والثالث من مقارنة الشرط وجود⁣[⁣٣] السبب، فيلزم الوجود كالحول مع النصاب، أو المانع فيلزم العدم، ولكن ذلك ليس لذاته، بل لوجود السبب والمانع.

(٢) أي: كونه مانعاً.

(٣) مثل سببية القتل العمد العدوان والردة للحد الشرعي.


[١] حيث قال: إن ذلك بمثابة قولنا: شرط الشيء ما لا يوجد ذلك الشيء بدونه، وظاهر أن تصور حقيقة المشروط غير محتاج إليه. (ح عن خط شيخه).

[٢] ظنن في بعض النسخ على مشروطه عوضا عن مسببه.

[٣] في المطبوع: ووجود. والمثبت من شرح تنقيح الفصول للقرافي.