هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الأحكام التكليفية]

صفحة 615 - الجزء 1

[هل المندوب مأمور به أم لا؟]

  مسألة: اختلف في المندوب هل هو مأمور به أم لا؟ فرجح الأول الآمدي وابن الحاجب⁣(⁣١) وغيرهما، ورجح الثاني الإمام الرازي والكرخي وأبو بكر الرازي (والخلاف في الأمر به) أي: في كونه يسمى مأموراً به (مبني على الخلاف⁣(⁣٢) في كون الأمر حقيقة في الإيجاب) فلا يسمى مأموراً به (أو)


(قوله): «وغيرهما» الجمهور، ورجحه ابن الحاجب.

(قوله): «وأبو بكر الرازي» من أصحاب أبي حنيفة.

(قوله): «في الأمر به» هذه العبارة توهم أن الخلاف في تعلق الصيغة به بمعنى هل يؤمر به، وليس بمراد؛ فلذا استدرك # في الشرح ذلك فقال: أي «في كونه يسمى مأموراً به» أي: يطلق عليه اسم المأمور به.

(قوله): «على الخلاف في كون الأمر حقيقة في الإيجاب ... إلخ» اعتمد المؤلف # في هذا الكلام ما ذكره السعد، ولفظه: لا نزاع في أنه يتعلق بالمندوب صيغة الأمر حقيقة كانت أو مجازاً، وإنما النزاع في أنه هل يطلق عليه اسم المأمور به حقيقة، ولا خفاء في أنه مبني على أن (أ م ر) حقيقة في الإيجاب أو القدر المشترك بينه وبين الندب.

قال: فلا ينبغي أن تجعل هذه المسألة مسألة برأسها. هذا كلامه، ومقصوده به الاعتراض على ابن الحاجب كما ذكره في الجواهر، وذلك أن ابن الحاجب اختار هاهنا كون المندوب مأموراً به، وفيما يأتي في باب الأمر اختار خلاف هذا، وهو كون الأمر للوجوب، مع كون الخلاف في هذه المسألة مبنياً على الخلاف في تلك. قال في الجواهر: وحينئذ يمنع أن إطلاق المأمور به على المندوب حقيقة، فلا يصح جعل هذه المسألة مسألة برأسها. والمؤلف # لم يصرح بأن ما ذكره اعتراض، فأوهم صحة ما ذكره ابن الحاجب وغيره في هذه المسألة مع القول بأن الخلاف فيها مبني على ما سيأتي، وليس كذلك، فلو صرح بالاعتراض زال هذا الإيهام. مع أنه قد بنى على هذا الاعتراض؛ لأنه # زيف دليل إثبات كون المندوب مأموراً به حيث قال: وحينئذ لا يتم الاحتجاج ... إلخ. لا يقال: وقد زيف # دليل النفي أيضاً؛ لأنا نقول زيفه #[⁣١] بأن المراد أمر الإيجاب، وذلك لا ينافي كون الأمر للوجوب، وقد عرف من تزييف المؤلف لدليل الإثبات أنه لا يرد عليه ما ورد على ابن الحاجب من مخالفته لما اختاره في باب الأمر من كون الأمر للوجوب، ولو ترك المؤلف اعتماد ما ذكره التفتازاني وجعل هذه مسألة برأسها غير مبنية على ما سيأتي، ووجه كلام الجمهور وابن الحاجب هنا بما ذكره في الجواهر رداً لاعتراض السعد - لكان أولى؛ ليندفع التنافي في كلام الجمهور مع القول بأن هذه مبنية على ما يأتي⁣[⁣٢] =


(١) مع أن ابن الحاجب يقول: الأمر حقيقة في الإيجاب فيحقق.

(٢) قوله: «على الخلاف في كون الأمر» أي: (أ م ر)، كذا في حاشية السعد، وقوله: «حقيقة في الإيجاب» كصيغة افعل. (محلي).


[١] يقال: وكذا يقال في الأول: إنه زيف دليل إثبات كونه مأموراً به أمر إيجاب، وإلا فهو مأمور به أمر ندب مجازاً، وحينئذ لا ينافي كون الأمر للوجوب حقيقة باعتبار تعلق الصيغة، بل يكون أظهر في مراد المؤلف، بدليل قوله: الطاعة فعل المأمور به ... إلخ. وبدليل تسليمه أنه مأمور به لانقسامه باعتبار تعلق الصيغة به، فلا يبعد أن يكون المؤلف ملاحظاً لتبعية ابن الحاجب اعتماداً لما ذكره صاحب الجواهر. (حسن الكبسي من خط العلامة السياغي).

[٢] وليوافق ما سيأتي للمؤلف # في أول باب الأمر من جعل الخلاف في مدلول لفظ الأمر مسألة برأسها، وستعرفه قريباً. اهـ منه في هذه القولة في الفنقلة. (ح).