[مسألة: في بقاء حكم الفرع مع نسخ حكم أصله]
[مسألة: في بقاء حكم الفرع مع نسخ حكم أصله]
  (مسألة) اختلف في بقاء حكم الفرع مع نسخ حكم أصله(١)، فذهب بعض الحنفية إلى بقائه، والأكثرون إلى امتناعه، وهذا ما أراد بقوله: (نسخ حكم الأصل يزيل(٢) حكم الفرع) ثم منهم من يسمي ذلك نسخاً نظراً إلى الظاهر من ارتفاعه بعد كونه، ومنهم من لا يسميه نسخاً نظراً إلى أن الحكم إنما زال بزوال علته.
  احتج الأكثرون بقوله: (لخروج العلة عن الاعتبار) يعني أن نسخ الأصل يستلزم خروج علته عن كونها معتبرة شرعاً حيث علم إلغاؤها لعدم ترتب الحكم عليها في الأصل، وإنما يثبت الفرع بالعلة، فلو لم ينتف بانتفائها لزم ثبوت الحكم بلا دليل.
  (قيل) في الاحتجاج للقائلين بالبقاء: (الفرع تابع(٣) للدلالة) لا للحكم كما في الفحوى.
(١) كما لو نسخ تحريم الخمر فهل يتبعه تحريم النبيذ أم لا؟ مختار أئمتنا $ والجمهور أن نسخ حكم الأصل يزيل حكم الفرع، وعن بعض الحنفية خلافه. لنا: خرجت العلة عن الاعتبار، فهي المقتضية لثبوت حكم الفرع، فلو ثبت حكم الفرع بعد عدم اعتبارها لثبت بغير دليل، وهو باطل. (شرح ابن جحاف على الغاية).
(٢) قال ابن جحاف: وإنما قال: يزيل حكم الفرع، ولم يقل: نسخ حكم الأصل يوجب نسخ حكم الفرع لأن في تسمية بطلان حكم الفرع لبطلان حكم الأصل نسخاً خلافاً لفظياً، فأتى بما هو أعم مطلقاً.
(٣) في شرح ابن جحاف على الغاية: قالوا: الفرع تابع للأصل في الدلالة، بمعنى أن دلالة قوله: حرمت الخمر لإسكارها على تحريم النبيذ تابع لدلالته على تحريم الخمر، ثم نسخ حكم الأصل والدلالة باقية لم تنسخ، والتبعية إنما وقعت فيها لا في الحكم كما قلتم في الفحوى، قلنا: ليسا سواء؛ لأن التبعية هنا ليست في الدلالة فقط بل مع اعتبار الحكمة الموجبة للحكم في الأصل، فاعتبارها مع الدلالة هو المتبوع، فإذا نسخ حكم الأصل بطل اعتبارها فيبطل المتبوع، فيبطل التابع، وهو اعتبارها في الفرع الموجب لبقاء الحكم فيه، فيجب نفيه؛ لبقائه بغير دليل.