[الكلام في مستند الإجماع]
  عادتهم ترك السكوت في مثله، كقول معاذ(١) لعمر لما رأى جلد الحامل: ما جعل الله لك على ما في بطنها سبيلاً، فقال: لولا معاذ لهلك عمر، وقد روي أن القائل بذلك(٢) علي #، وكقول امرأة لما نهى عمر عن المغالاة في المهور: أيعطينا الله بقوله: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا}[النساء: ٢٠] ويمنعنا عمر؟ فقال: «كل الناس أفقه من عمر حتى المخدَّرَات(٣)»، وغير ذلك مما يوقف عليه التتبعُ لآثارهم.
  وقال ابن أبي هريرة: العادة في الفتيا أنها تُخالَف ويُبحث عليها دون الحكم، فإن كلاً يحكم بما يراه فيُتبع ولا يخالف كما ترى في عصرنا، وأيضاً الحاكم يهاب ويوقر دون المفتي.
  والجواب: منع الفرق بين الفتيا والحكم في محل النزاع، وهو قبل تقرر المذاهب؛ لأنهم حينئذ بصدد البحث والمناظرة في حكم المسألة فيخالف الحكم وينكر كما تخالف الفتيا وتنكر، (والفرق) الذي أبداه المستدل (بين الفتيا والحكم بعد الاستقرار) للمذاهب (وهو غير الفرض) وقد علم اعتراض الصحابة على الأحكام، فتجويز الهيبة لا يدفع الظهور.
[الكلام في مستند الإجماع]
  مسألة: في الكلام في مستند الإجماع (المختار وجوب(٤) السند) دليلاً كان
(قوله): «والفرق» مبتدأ، خبره «بعد الاستقرار للمذاهب».
(قوله): «وهو غير الفرض» لأن الكلام فيما كان قبل تقرر المذاهب.
(١) هذا الإنكار من معاذ فيما ظهر كونه منكراً له، ولا يلزم وجوب الإنكار في مقام الاحتمال عند حصول الحادثة، فتأمل. (من خط سيدي صلاح بن حسين الأخفش |).
(٢) في المطبوع: لذلك.
(٣) في البيوت.
(٤) قال في شرح الجمع: وإلا لم يكن لقيد الاجتهاد المأخوذ في تعريفه معنى، أي: فائدة، وهو الصحيح؛ لأن القول في الدين بلا مستند خطأ، وجوز قوم الإجماع بلا مستند؛ بأن يوفق الله المجتهدين للاتفاق على الصواب بلا مستند، والخلاف في الجواز لا في الوقوع؛ لأن هؤلاء القوم وافقوا على عدم وقوعه كما نقله الآمدي عنهم، واعترضه المصنف فنقل عنهم دعوى وقوع صور منه. (جمع وشرحه).