هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

النوع الأول: ما يتعلق بالإفهام

صفحة 474 - الجزء 3

النوع الأول: ما يتعلق بالإفهام

  وهو صنف واحد ليس إلا، وهو سؤال الاستفسار، وقد عرفته، ولا بد أن يكون (مع بيان وجه الخفاء) وإلا لم يسمع (لأن الأصل عدمه) فلا يسمع من المعترض إلا فيما فيه إجمال أو غرابة وإلا كان تعنتاً، وربما أفضى إلى التسلسل⁣(⁣١)، فعلى السائل بيان الإجمال؛ لأنه يكفي المستدل كون الأصل العدم⁣(⁣٢)، ويكفي السائل بيان صحة إطلاقه على معنيين⁣(⁣٣) فصاعداً لا بيان التساوي، وإلا لم يحصل بيان مقصود المناظرة لتعسره، ولأنه يخبر عن نفسه فيصدق لعدالته السالمة عن المعارض، ولكنه لو التزمه تبرعاً بأن قال: التفاوت يستدعي ترجيحاً، والأصل عدمه لكان أولى؛ لإثباته ما ادعاه من الإجمال، مثاله: قولهم:


(قوله): «وربما أفضى إلى التسلسل» يعني في كل لفظ يفسر به لفظ.

(قوله): «لأنه يكفي المستدل كون الأصل العدم» في كون هذا علة لما قبله خفاء، ولو قال: وبيان كونه مجملا على المعترض؛ لأن الإجمال خلاف الأصل، ويكفي المستدل ... إلخ - لظهر التعليل، وكأنه مراد المؤلف #. وإنما كفى المستدل الإجمال هنا لا فيما سيأتي فلم يكفه الدفع بالإجمال لأن ذلك بعد بيان السائل للإجمال، وهذا قبله وقبل الاعتراض.

(قوله): «لا بيان التساوي» أي: ولا يكلف بيان التساوي.

(قوله): «وإلا لم يحصل بيان مقصود المناظرة» وهو إظهار الصواب؛ إذ لا سبيل إلى ذلك بدون فهم المعنى، وإنما لم يحصل لتعسر بيان التساوي، فلو كلف ذلك لسقط الاستفسار وبقي الكلام غير مفهوم.

(قوله): «ولأنه يخبر عن نفسه» فكيفيه ما يدفع به ظن التعنت في حقه ويصدق ... إلخ، وهذا عطف على قوله: وإلا لم يحصل ... إلخ.

(قوله): «لو التزمه» أي: بيان التساوي بأن قال: هما متساويان لأن التفاوت ... إلخ.


(١) ولذلك قال القاضي: ما يمكن فيه الاستبهام حسن فيه الاستفهام. (عضد أيضاً).

(٢) لأنه الأصل، فإن وضع الألفاظ للبيان، والإجمال قليل جداً، وإنما البينة على مدعي خلاف الأصل. (عضد).

(٣) المراد إطلاقه عليها بالوضع ليكون مشتركاً فيكون مجملاً، أو يبين أنه غير مشهور في الكتب المستعملة في اللغة فيكون غريباً، والمعترض وإن لزمه بيان تعدد معنى اللفظ ليتضح إجماله فإنه لا يتحقق الإجمال إلا بكونهما متساويين في السبق إلى الفهم، لكن لا يكلف بيان التساوي لعسره، بل يصدق في أنه لم يفهم المقصود منهما. (مختصر وشرح الجلال مع تصرف يسير في أول النقل).