هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

المقدمة

صفحة 79 - الجزء 1

المقدَّمة

  هي لغة: صفة بكسر الدال من قدَّم بمعنى تقدم، قال في المغرب: قدم وتقدم بمعنى، ومنه: مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منه. قال جار الله في الفائق: الفتح خلف، وأجازه هنا بعضهم، والوجه ظاهر⁣(⁣١).


(قوله): «المقدمة هي لغة صفة ... إلخ» الذي في شرح التلخيص: المقدمة مأخوذة من مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منه، من قدم بمعنى تقدم، قال الشيخ | في حاشيته: يعني منقولة عنها لمناسبة ظاهرة بينهما⁣[⁣١] فيكون لفظ المقدمة في مقدمة العلم ومقدمة الكتاب حقيقة اصطلاحية لتحقق الوضع ثانياً، قال: ويحتمل أن يريد أنها مستعارة منها فيكون لفظ المقدمة مجازاً فيهما، ثم أشار إلى رده بقوله: ويمكن أن لا يلتزم النقل ولا التجوز بأن يقال: إنها في الأصل صفة حذف موصوفها أطلقت على طائفة من المعاني أو طائفة من الألفاظ متقدمة على العلم أو على سائر ألفاظ الكتاب، وبه يشعر كلام المغرب حيث قال: قدم وتقدم بمعنى، ومنه مقدمة الجيش ومقدمة الكتاب.

قلت: وحاصله أنها في الأصل صفة ثم غلبت عليها الاسمية، وعبارة المؤلف تشعر بالغلبة حيث قال: هي لغة صفة، وإيراده لكلام المغرب يشعر بترجيحه # عدم النقل والتجوز، لكن لو ذكر مقدمة الكتاب مع مقدمة الجيش كما ذكره الشيخ عن المغرب لكان أظهر.

(قوله): «الفتح خلف» أي: باطل؛ وذلك لأن الفعل حينئذ لازم.

(قوله): «وأجازه هنا» يعني في مقدمة العلم والكتاب لا في مقدمة الجيش.

(قوله): «وأجازه هنا بعضهم» صرح الدواني بذلك حيث قال: بفتح الدال وكسرها، قال في حاشيته: وما ذكره الزمخشري معارض برجحان الفتح لفظاً ومعنى، فإن الكسر يحتاج إلى تكلف بأن يجعل التقديم بمعنى التقدم، أو بأن يعتبر فيها تقديمها لنفسها لما فيها من استحقاق التقدم، أو تقديم من عرفها على من لم يعرفها، بخلاف إطلاق المقدمة بالفتح فإنها لا تحتاج إلى شيء من التكلف⁣[⁣٢].


(١) قوله: والوجه ظاهر؛ لأنه من قدم المتعدي لا غير؛ لأن ذكره قبل الشروع من المقاصد يقتضيه. (من حواشي الدواني).

(*) وفي شرح الجمع للمحلي ما لفظه: بكسر الدال لمقدمة⁣[⁣٣] الجيش للجماعة المتقدمة منه، من قدم اللازم بمعنى تقدم، ومنه: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}⁣[الحجرات: ١]، وبفتحها على قلة كمقدمة الرحل في لغة من قدم المتعدي.


[١] وهي أن كلاً منهما طائفة من الشيء تقدمت على ذلك الشيء. (حاشية الشيخ لطف الله).

[٢] قوله: «فإنها لا تحتاج إلى شيء من التكلف» لكن يقال: هذا من إثبات اللغة بالترجيح. (منه ح).

[٣] في شرح الجمع للمحلي: كمقدمة.