هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الخبر المعلوم كذبه]

صفحة 268 - الجزء 2

  بصدقه، فكان دليلاً عليه. وإن كان الثاني فإما أن يكون دينياً أو دنيوياً.

  وعلى الأول: إما أن يعلم خلاف ذلك من شرعه أو لا. إن لم يعلم فسكوته دليل الصدق، وإلا كان إيهاماً في الدين. وإن علم: فإن كان مما يجوز تغيره فكذلك، وإلا فلا يدل على الصدق؛ لجواز أن يكون مما لا يؤثر فيه الإنكار كمضي كافر إلى كنيسة.

  وعلى الثاني: إن علمنا أنه لا يخفى عليه صدق الخبر من كذبه فسكوته دليل الصدق، وإلا قبح لما فيه من السكوت على المنكر والإيهام.

[فصل: في الخبر المعلوم كذبه]

  (فصل: والمعلوم كذبه) منه (ما كذبه التنزيل⁣(⁣١) أو الرسول ÷ أو جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة) والكل ظاهر.

  (وما علم خلافه ضرورة) كقول القائل: النار باردة (أو نظراً) كقول القائل:


(قوله): «فكان» أي: كان السكوت دليلاً.

(قوله): «وعلى الأول» أي: الديني.

(قوله): «إما أن يعلم خلاف ذلك» أي: خلاف ما أخبر به.

(قوله): «وإن علم» أي: خلاف ما أخبر به، أي: علم حكم مخالف له (فإن كان مما يجوز تغيره) أي: تغير الحكم المخالف، بأن يكون مما يجوز نسخه.

(قوله): «وإلا» أي: وإن لم يجز تغيره، أي: تغير الحكم المخالف.

(قوله): «كمضي كافر ... إلخ» الكلام فيما نحن فيه في تقرير خبر المخبر بالحكم الذي لا يجوز تغيير بمخالفه، والنبي ÷ إنما قرر فعل الكافر، فلا يطابق البحث، وعبارة شرح الجمع: بأن يكون قد بين الحكم قبل ذلك والمخبر معاند لا ينفع فيه الإنكار اهـ وقد يتكلف لمطابقته لما نحن فيه بأن يقال: المراد أنه أخبر بحضرته ÷ بتحليل مضي كافر إلى كنيسة، ولم ينكره، فإن السكوت لا يدل على الصدق؛ لأن إنكار التحليل مما لا يؤثر في ترك الكافر للاستمرار على المضي إلى الكنيسة، فالحكم المخالف هو التحريم، وهو لا يجوز تغيره. أو يقال: المراد من قوله: كمضي كافر هو التشبيه لا التمثيل، أي: لا بجواز أن يكون المخبر مما لا يؤثر فيه الإنكار لخبره، كما أن مضي الكافر لا يؤثر فيه إنكاره.

(قوله): «وعلى الثاني» وهو أن يكون دنيوياً.


(١) أقول: كأن المراد ما صرح التنزيل بتكذيبه كقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ١}⁣[المنافقون]، أو أخبر بنقيض ذلك الخبر، فقوله: كذبه مراد به كلا معنييه الحقيقي والمجازي. (من خط السيد صلاح الأخفش |).