هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]

صفحة 771 - الجزء 2

  (قلنا:) ما ذكرناه من أن المفهوم يخصص العموم مخصوص بما إذا كان للخاص مفهوم معمول به، كالشرط والصفة، فيكون من باب التخصيص بدليل الخطاب، والمفهوم المعمول به (غير) مفهوم (اللقب)⁣(⁣١) لأنه غير معتبر كما يجيء إن شاء الله تعالى⁣(⁣٢). والحاصل: أن الخلاف في هذه المسألة فرع الخلاف في مفهوم اللقب، فمن أثبته خصص به، ومن نفاه لم يخصص به.

[التخصيص بعود ضمير خاص إلى العام]

  (و) منها: أنه (لا) يجوز تخصيص العام (بعود ضمير خاص)⁣(⁣٣) إليه وفاقاً للأكثرين من أصحابنا والشافعية، وهو الذي اختاره القاضي عبدالجبار والغزالي والآمدي وابن الحاجب والبيضاوي، واختاره في فصول البدائع للحنفية.

  (وقيل:) إن مثل ذلك (يخصص) العموم، وهو مذهب الكثير من الحنفية.

  (وقيل بالوقف) وهو مذهب أبي الحسين البصري والجويني والرازي وابن الملاحمي وغيرهم.

  مثال ذلك: قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ...} ثم قال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}⁣[البقرة: ٢٢٨]، فالضمير في «بردهن» للرجعيات⁣(⁣٤)


(١) كالشاة. (شرح سبكي على المختصر).

(٢) وأنا أقول: إن أبا ثور لا يستند إلى أن مفهوم اللقب حجة، فإن غالب الظن أنه لا يقول به، ولو قال به لكان الظاهر أنه يحكى عنه، فقد حكي عن الدقاق وهو دونه، ولكنه يجعل ورود الخاص بعد تقدم العام قرينة في أن المراد بذلك العام هذا الخاص، ويجعل العام كالمطلق والخاص كالمقيد، وليس ذلك قولا منه بمفهوم اللقب، فافهمه. (من شرح السبكي على المختصر). وحينئذ فهو عنده من باب العام الذي أريد به الخصوص لا من باب العام المخصوص، فتفطن لذلك. (زركشي).

(٣) ظاهر هذا عدم ملائمة قوله فيما سيأتي: لفظان عامان⁣[⁣١]، ويمكن أن يراد بالخاص هنا العام المخصص بالفتح كما ذكره صاحب الفصول أن الخاص يطلق عليه، ولكن لا يلائمه قوله فيما سيأتي: لزوم مخالفة المرجع؛ لإشعاره بأن المراد بالخاص ما يقابل العام، والله أعلم.

(٤) قال ابن السبكي في شرحه على مختصر المنتهى ما لفظه: فائدة: لا يخفى عليك أنا تصرفنا في الضمير فقلنا بعوده إلى بعض ما تقدم، فأخرجناه عن حقيقته، وتركنا المظهر بحاله على عمومه، والخصوم عكسوا، فتصرفوا في المظهر وقالوا: إنه خاص، وتركوا المضمر بحاله فقالوا: يعود إلى كل ما تقدم، وكل ما تقدم هو الخاص، وصنيعنا أولى من صنيعهم؛ لأن المضمر أضعف من المظهر، فالتصرف فيه أولى من العكس. (بلفظه).


[١] لعل هذا يندفع بقول ابن الإمام: نظراً إلى ظاهرهما.