[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]
  (قلنا:) هذا الحديث ليس فيه دلالة على مطلوبكم؛ لأنه لا مأخذ فيه للوجوب، وإنما فيه الدعاء لمن حفظه إلى أن يبلغه غيره، فهو (حث) له (على الأولى(١) و) لنا (أيضاً) في الجواب القول بالموجب، فإن (ناقل المعنى) الذي سمعه يصدق عليه أنه (مؤد) له (كما سمع) ولذلك يقول المترجم: أديته كما سمعته(٢).
  (قيل) في الاحتجاج للمانع ثانياً: (لا يؤمن الخطأ) والإخلال بمقصود الحديث إذا جوز النقل بالمعنى؛ للقطع باختلاف العلماء في معاني الألفاظ كما تقدم.
  (قلنا(٣)): ما ذكرتموه صحيح (في غير المتنازع) فيه، فإن الكلام في الذكي العارف الذي ينقل المعنى سواء من غير تغيير أصلاً.
[الرواية عن الشيخ مع إنكار الشيخ]
  مسألة: إذا روى أحد عن شيخ حديثاً لم يتذكره الشيخ فإما أن ينكره أو لا، إن أنكره وقال: لم أرو له هذا الحديث فالاتفاق على أنه لا يعمل به؛ لأن أحدهما كاذب قطعاً من غير تعيين، ولا يقدح في عدالتهما؛ لأن واحداً منهما بعينه لم يعلم(٤) كذبه، والمفروض أنها قد علمت عدالته، فلا ترتفع بالشك.
(قوله): «المترجم» بكسر الجيم أي عن اللفظ العجمي.
(١) سواء كان دعاء - أي: جمَّله وزيَّنه - أو خبراً عن أنه من أهل نضرة النعيم. قيل: هو بتخفيف الضاد، والمحدثون يثقلونها، وفي الغريبين: رواه الأصمعي بالتشديد وأبو عبيد بالتخفيف، وقيل: معناه حسن الله وجهه في خلقه، أي: جاهه وقدره. وعن فضيل بن عياض: ما من أحد من أهل الحديث إلا وفي وجهه نضرة؛ لقول النبي ÷: «نضر الله ..» الحديث. (شرح التحرير).
(٢) قال ابن جحاف في شرحه للغاية: هكذا ذكره في العضد، ولكن قوله: «فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» يأباه؛ لظهوره في أنه إذا سمع لفظاً لم يفهمه وحمله إلى من فهمه وبين معناه، أو فهم منه غير المراد فحمله إلى من أوضحه.
(٣) وفي شرح المحلي على الجمع ما لفظه: وأجيب بأن الكلام في المعنى الظاهر لا فيما يختلف فيه، كما أنه ليس الكلام فيما تعبدنا بألفاظه كالأذان والتشهد والتكبير والتسليم.
(٤) وإذا اجتمعا في شهادة لم يرد اتفاقاً. (فصول). أما عند من يقبل فظاهر، وأما عند من يرد فلأن أحدهما بعينه لم يعلم كذبه، وقد كان عدلاً، ولا يرتفع اليقين بالشك. (شرح فصول).