[المفهوم]
  تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}[الأنفال: ٦٥] معلوم أنه لا يراد منه خصوص وجوب ثبات العشرين للمائتين، بل المراد منه تعميم وجوب ثبات الواحد(١) للعشرة سواء كان في هذا العدد أو أقل أو أكثر، وأنه يفارق قول القائل: حرمت الخمر لإسكاره.
  وقد اختلف في هذا الخلاف، فقال الجويني في البرهان: إنه لفظي، وقال غيره: إنه معنوي؛ لأن من فوائده أنا إذا قلنا: ليس قياساً جاز النسخ به، وإلا فلا يجوز عند مانعي النسخ به على الإطلاق(٢).
[انقسام مفهوم الموافقة إلى قطعي وظني]
  (و) مفهوم الموافقة قد (يكون قطعياً) وهو إذا كان التعليل بالمعنى قطعياً(٣) كالأمثلة المذكورة.
  (و) قد يكون (ظنياً) إذا كان التعليل بالمعنى كذلك، كقول الشافعي ¥: إذا كان قتل الخطأ يوجب الكفارة فالعمد أولى، وإذا كانت اليمين المعقودة
(قوله): «وأنه يفارق قول القائل حرمت الخمر لإسكاره» وهو فيما كان حكم غير المذكور أدنى كتحريم النبيذ. إذا عرفت ذلك فالأقسام ثلاثة: ما كان حكم غير المذكور أولى، وما كان مساوياً، وما كان أدنى كهذا المثال، وهو قياس اتفاقاً.
(قوله): «إنه لفظي» وليس بنزاع معنوي؛ لأنه في الحقيقة قياس؛ إذ لا نزاع في أنه إلحاق فرع بأصل بجامع إلا أن ذلك مما يعرفه كل من يعرف اللغة من غير افتقار إلى نظر واجتهاد، بخلاف القياس الشرعي، كذا ذكره السعد وصاحب الجوهرة.
(١) فلا تقول: نقيس ثبات الواحد للعشرة على ثبات العشرين للمائتين كما نقيس في حرمت الخمر لإسكاره.
(*) أما في حالة الانفراد فلا مساواة؛ فإن حالة الاجتماع يحصل معها التظافر كما لا يخفى، فلو مثل للمساوي بإحراق مال اليتيم المساوي لأكله لكان أولى. (منقولة).
(٢) يعني: لا ينسخ قياساً ولا غيره.
(٣) لفظ العضد: إذا كان التعليل بالمعنى وكونه أشد مناسبة للفرع قطعيين. اهـ وقوله: للفرع بناء على أنه قياس. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).
(*) كالإكرام وعدم تضييع الإحسان والإساءة في الجزاء بالمثقال إلخ ما تقدم.