[الكلام في الإجماع القطعي والظني]
  جماعة. وحجة المنع: عموم أدلة الإجماع، والمجوزون يخصونها بالدينية؛ لأنها المتبادرة منها(١).
[الكلام في الإجماع القطعي والظني]
  مسألة: الإجماع ينقسم إلى قطعي وظني، فالقطعي ما نقل إلينا متواتراً ولم يسبقه خلاف مستقر مع انقراض العصر عليه، وكذا في الأصح ما سبقه(٢) خلاف أو لم ينقرض العصر عليه؛ لإفادة الأدلة القطع بعصمة أهل كل عصر عن الخطأ.
  والظني كالإجماع السكوتي(٣)، وقد سبق الخلاف فيه، وما نقله الآحاد، وقد
(قوله): «عموم أدلة الإجماع» فإنها لم تفصل بين الأحكام الدينية والدنيوية، قال الإمام الحسن # في القسطاس: وقد يقال: إن أريد إجماع المجتهدين وإن لم يكونوا ذوي خبرة وبصر في ذلك دون من عداهم وإن كانوا أرباب الخبرة والبصر فهذا خلف، وإن أريد العكس لزم حرمة مخالفة أهل كل صناعة، ولا قائل به، وإن أريد الجميع انتقض إخراج العوام من الديني لعدم علمهم بالمسألة وعدم تكليفهم بها. اهـ ومثله ذكر الدواري في الآراء والحروب. قلت: والأولى أن الدنيوي إن تعلق به عمل أو اعتقاد فهو حجة؛ لرجوعه إلى الديني، وإلا فلا تتصور حجية فيه، وقد أشار إلى هذا في شرح المختصر جواباً عن اعتراض ابن الحاجب على حد الغزالي للإجماع حيث قال الغزالي: على أمر من الأمور الدينية - بأنه غير منعكس على تقدير أن يتفقوا على أمر عقلي أو عرفي، فدفع هذا الاعتراض في شرح المختصر بأن ذلك إن تعلق به عمل أو اعتقاد فهو أمر ديني، وإلا فلا تتصور حجية فيه. وفي الفصول: المراد بالدنيوي غير العبادات وإن كان دينياً كالحروب التي هي جهاد، فأما الدنيوية التي لا يتعلق بها تكليف كالزراعة ونحوها ففي كونه حجة خلاف. وقد مثل الدواري لما يتعلق بأمر الدين أن يجمعوا على عدم جواز الحرب في موضع معين، ولما لا يتعلق به أن يجمعوا على أنه يستقى من هذا النهر أو أنه يقع المقيل أو التعريس في موضع معين.
(قوله): «ما نقل إلينا متواتراً» لم يذكر المتلقى بالقبول، وسيأتي للمؤلف في الأخبار[١] خلاف ما هنا، وكأنه بنى # في هذا المحل على أحد القولين في المتلقى.
(قوله): «كالإجماع السكوتي» أطلق الكلام هنا والكلام مقيد بما سبق؛ فإن السكوتي قد يكون قطعياً على تفصيل قد سبق[٢].
(قوله): «وما نقله الآحاد» أي: من الإجماع القطعي كما يدل عليه قوله: فنقل الآحاد للدليل =
(١) قال أبو زرعة ما لفظه: وجه المنع - أي: من كونه حجة - اختلاف المصالح بحسب الأحوال، فلو كان حجة للزم ترك المصلحة وإثبات المفسدة، وقطع به الغزالي، وصححه ابن السمعاني.
(٢) في المطبوع: يسبقه.
(٣) يقال: ما لم يعلم أن سكوتهم عن رضا فإنه قطعي. اهـ وفي حاشية ما لفظه: هذا إذا لم يتكرر العمل به، أما إذا تكرر العمل ولم ينكره عليهم أحد فمثل هذا السكوتي قطعي كما سيأتي في أول باب القياس في بحث قوله: احتج الآخرون وهم القائلون بالتعبد به من جهة السمع حيث قال: ولمثل ما سبق في خبر الآحاد إلى أن قال: فإن قيل ... إلخ.
[١] من أن المتلقى بالقبول من المعلوم صدقه على الأصح. (سياغي عن خط شيخه).
[٢] لعله في كلامه الذي نقله من شرح المختصر. (سياغي).