هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

فصل: في تعريف الحقيقة والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

صفحة 433 - الجزء 1

فصل: في تعريف الحقيقة⁣(⁣١) والمجاز وبيان أقسامهما وأحكامهما

  (اللفظ) كالجنس⁣(⁣٢) للحد شامل للكلام والكلمة (المستعمل) خرج به المهمل⁣(⁣٣) وما وضع ولم يستعمل فإنه لا يسمى حقيقة ولا مجازاً (فيما وضع له) أي: في معنى وضع له من حيث إنه وضع له، فيخرج الغلط، نحو: خذ هذا الفرس مشيراً إلى كتاب.


(قوله): «كالجنس» هكذا في الجواهر، ولعل زيادة كاف التشبيه إن هذا حد بحسب الاسم والمفهوم، والجنس هو المقوم للحقائق والماهيات، وهكذا في نظائر ذلك.

(قوله): «شامل للكلام والكلمة» فهو أولى من قوله في التلخيص: الكلمة المستعملة؛ ولهذا قال في حاشية شرح التلخيص للشيخ العلامة: لو قال: اللفظ لشمل المركب فإنه قد يكون حقيقة كما يفهم من كلام الشارح، أي: السعد.

(قوله): «المستعمل خرج به المهمل» الأولى أنه خرج من قوله: فيما وضع له؛ لأن المقابل للمهمل هو الموضوع لا المستعمل؛ ولهذا فإن صاحب المطول وصاحب الجواهر لم يخرجا بهذا القيد إلا اللفظ قبل الاستعمال فقط.

(قوله): «وما وضع ولم يستعمل» كلفظ ضارب إذا لم يستعمل بعد أن حكم الواضع أن كل صيغة فاعل من كذا فهو كذا، فإنها كلمة موضوعة بالوضع النوعي وليست بحقيقة لعدم الاستعمال، كذا ذكره الشيخ العلامة في حواشيه.

(قوله): «من حيث إنه وضع له» اعتمد المؤلف # ما ذكره السعد من أن الحد يتم بدون قيد اصطلاح التخاطب مع اعتبار قيد الحيثية، بل يختل الحد بدون اعتباره. وأما صاحب الجواهر فذكر أنه لم يتم الحد بقيد الحيثية؛ فإن لفظ الصلاة المستعمل في الدعاء يصدق عليه أنه استعمل في الموضوع له من حيث إنه الموضوع له في الجملة، وقد وسع الكلام بما لا يخلو عن تكلف، والله أعلم.

(قوله): «فيخرج الغلط ... إلخ، وقوله: ويخرج المجاز ... إلخ» ظاهره أن خروجهما من قوله: فيما وضع له ومن قيد الحيثية، وليس كذلك؛ فإن خروج الغلط من قوله فيما وضع له فقط، والتحقيق أن قوله: فيما وضع له يخرج شيئين: أحدهما: ما استعمل في غير ما وضع له غلطاً كلفظ الفرس في المثال الذي ذكره المؤلف # فإنه قد استعمل في غير ما وضع له وليس بحقيقة كما أنه ليس بمجاز. وثانيهما: المجاز الذي لم يستعمل فيما وضع له لا في اصطلاح التخاطب ولا في غيره كالأسد في الرجل الشجاع، هذا حاصل ما ذكره صاحب المطول. وأما المجاز المستعمل في ما وضع له في اصطلاح آخر غير اصطلاح التخاطب كما ذكره المؤلف # فقد أخرجه الجمهور بقيد: في اصطلاح التخاطب، والمؤلف # أخرجه بقيد الحيثية كما سبق. إذا عرفت ذلك فقيد الحيثية إنما يراد لإخراج هذا القسم من المجاز فقط، فلو قال المؤلف: أي في معنى ما وضع له يخرج الغلط ... إلخ والمجاز الذي لم يستعمل فيما وضع له أصلاً لأنه وإن كان موضوعاً ... إلخ ثم يقول: وأسقط عن التعريف قيد: في اصطلاح التخاطب ... إلخ لكان الكلام وافياً بالمقصود، والله أعلم.

هذا، والمراد بالغلط الخطأ على سبيل القصد يزعم أنه على قانون الوضع بلا إثبات وضع من عنده، لا على جهة السهو، كذا قيل، وكأن وجه التخصيص أن الغلط على سبيل السهو يخرج بقيد الاستعمال؛ بأن يقال: معناه الاستعمال عن قصد، كذا في حاشية الشيخ العلامة.


(١) قال في تنقيح الحنفية في التقسيم الثاني من الكتاب ما لفظه: ثم كل واحد من الحقيقة والمجاز إن كان في نفسه بحيث لا يستتر المراد به فصريح وإلا فكناية، فالحقيقة التي لم تهجر صريح، والتي هجرت وغلب معناها المجازي كناية، والمجاز الغالب الاستعمال صريح، وغير الغالب كناية. (بحروفه). وقد ذكره سعد الدين في حاشية الكشاف عند قوله تعالى في سورة آل عمران: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ}⁣[آل عمران: ٧٧]، وقال: إن ذلك كذلك عندالأصوليين، وهو غريب قل من ذكره من أهل الأصول غيره.

(٢) وإنما قال: كالجنس ولم يجعله جنساً حقيقة لأنه لم يأت به على ما هو قاعدة التحديد من جعل المحدود موضوعاً والحد محمولاً. (من سيدنا العلامة الحسين المغربي |).

(٣) كذا في شرح الشيخ، وهو يناقض ما سبق له - يعني للشيخ - بأن مقابل المهمل الموضوع.